دِرعُ النَّبِي ورَدعُ الغَبِي

دِرعُ النَّبِي ورَدعُ الغَبِي

المغرب اليوم -

دِرعُ النَّبِي ورَدعُ الغَبِي

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

مهمَا توقَّعتَ أنَّ المنطقَ ونظافةَ التفكيرِ كافيانِ في صون الوعي العام، من الأباطيلِ والخرافاتِ والهلوساتِ العامة، والأكاذيبِ المصنوعة، فيؤسفُنِي القولُ لك، أنَّ هذا غيرُ صحيح، وإنَّ «درعَ» الوعيِ هذا غيرُ موجودٍ، أو هو غيرُ موجودٍ للوعيِ الجماهيريِّ العام، مع أنَّه «لو خَلتْ خَرُبَتْ» كما قِيلَ مِنْ قَبل.

على ذكرِ الدِّرعِ والوعي، نُشرت على صَفحاتِ وحِساباتِ على مواقعِ التواصلِ الاجتماعي باللّغةِ العربية صورةً قِيلَ إنَّها تُظهِرَ درعاً كانَ النبيُّ محمدٌ عليهِ الصلاةُ السلامُ يستخدمُه في حروبِه التي خاضَهَا قبل 15 قرناً في شبهِ الجزيرةِ العربية. لكنَّ هذا الادعاءَ غيرُ صحيح، كمَا جاءَ في بعضِ التقارير، والصُّورةُ تُظهرُ في الحقيقةِ درعاً مَصنوعاً بعد ذلك بقرونٍ طويلة، بحسبِ خبراء، وجاءَ في التعليقاتِ المرافقة «هذا درعُ الرَّسول». ودَعَتِ المنشوراتُ المستخدمينَ للتَّفاعلِ معها.

بحسبِ مَا وقعَ عليهِ صحفيُّو خدمةِ تقصِّي صحةِ الأخبارِ فِي وكالةِ الصِّحافةِ الفرنسية، حَصدتْ هذه المنشوراتُ آلافَ المشاركاتِ وعشراتِ آلافِ التفاعلاتِ منذ بدءِ التداولِ بهَا قبلَ تسعِ سنواتٍ على الأقل.

خبيرُ الآثارِ الإسلاميةِ سامح الزهار قالَ للوكالةِ المذكورةِ «من الناحيةِ التاريخيةِ، هذا الدّرعُ لا يعودُ للنَّبي محمد». وأضَافَ الباحثُ المصريُّ الَّذِي أصدرَ جملةً من الكتبِ والدِّراساتِ حولَ الآثارِ الإسلامية «أغلبُ الآثارِ النَّبويةِ الموجودةِ في المتاحفِ العالميةِ منسوبةٌ خطأً للنَّبِي، إمَّا لأسبابٍ سياسيةٍ أو تاريخيةٍ أو حتى ترويجية».

الاتجارُ بالمتعلَّقاتِ المُقَدَّسَةِ، سلوكٌ قديمٌ، إذْ يقولُ المؤرخُ الدمشقيُّ الشهيرُ إسماعيل بنُ كثير في كتابه «البداية والنهاية»: «دخل رجلٌ على المهديِّ الخليفةِ العباسي ومعه نعلٌ يحملُها بيدِه، وقالَ هذا نعلُ رسولِ الله، قالَ المهديُّ لمن كانَ فِي مجلسِه: والله إنّي لأَعلمُ أنَّ هذا الرجلَ كاذبٌ، وليستْ هذه بنعلِ رسولِ الله، ولكنّي لو رَددتُه لذهبَ يقولُ للنَّاسِ أهديتُ الخليفةَ نعلَ رسولِ الله فلم يقبلْهَا، فتصدقُه الناسُ فاشترينَا لسانَهُ بعشرةِ آلافِ درهم».

هذا الإصرارُ على الدَّجلِ وترويجِه خطيرٌ ومتكرّرٌ، وقد سبقَ لنَا أنْ أشرنَا إلى خرافةِ عثورِ غواصٍ أميركيٍّ غيرِ مسلمٍ على نسخةٍ عتيقةٍ من القرآنِ في قاعِ البَحْرِ، وإسلامِه بسببِ ذلك.

وعليهِ فالحَاجَةُ قائمةٌ لخلقِ منابرِ توعيةٍ مضادةٍ، ومنابرَ نقديةٍ مستمرة، سواءٌ من الجهاتِ الحكوميةِ أو غيرِ الحكومية، فالوعيُ هو رأسُ المال، بل هو كلُّ شيء، لأنَّه كمَا قالَ زُهير:

لسانُ الفتَى نِصْفٌ ونِصْفٌ فُؤادُهُ

فَلمْ تبقَ إلَّا صُورةُ اللَّحمِ والدَّمِ

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دِرعُ النَّبِي ورَدعُ الغَبِي دِرعُ النَّبِي ورَدعُ الغَبِي



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 01:02 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر
المغرب اليوم - زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929

GMT 23:46 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنك مغربي يصرف شيكا باللغة الأمازيغية

GMT 23:52 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

الفيضانات تقتل 141 حيوانًا بريًا في الهند

GMT 11:06 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الكشف عن "ميني كاب"أصغر سيارة إطفاء في العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib