دراويش الذكاء الاصطناعي

دراويش الذكاء الاصطناعي

المغرب اليوم -

دراويش الذكاء الاصطناعي

مشاري الذايدي
بقلم : مشاري الذايدي

هناك «فورة» عالمية وتسابق دولي وهرَجٌ ومرَج حول «الذكاء الاصطناعي» مَن يحوزه، مَن يسيطر عليه... مَن يمتطي صهوة حصانه؟!

لكن السؤال المُقصى من هذه المعمعة، هو: مَن «يُطعم» هذا المخلوق الآلي المُسمّى بالذكاء الاصطناعي؟!

مَن يسقيه بماء المعلومات؟ مَن يضع له المعايير، والمسموح والممنوع؟

في تحقيقٍ مُهمّ لصحيفة «الغارديان» البريطانية، طُرح هذا السؤال:

مَن يدّرب برامج الذكاء الاصطناعي؟ ومن «يقيّم» إجاباتها ويعدلها؟

جاء في التحقيق حكاية الموظفّة رايتشل ساوير، وهي كاتبة تقنية من ولاية تكساس الأميركية، تلقّت في ربيع 2024 عرضاً عبر «لينكد إن» لوظيفة تحمل عنواناً غامضاً، وهي «مُحلّلة كتابة».

كانت وظيفة رايتشل، والآلاف أمثالها، تستغرق نصف ساعة، ثم جرى تقليصها إلى 15 دقيقة فقط، وهو وقت لا يكفي، حسب شهادات الموظفين، لقراءة 500 كلمة، وتدقيقها، ومراجعة مصادرها.

انعكس هذا الضغط على الصحة النفسية لكثيرين، وتحدّث بعضهم عن نوبات قلق أو شعور بالذنب لأنَّهم يراجعون إجابات في قضايا مصيرية لا يملكون فيها خبرة كافية.

أنا لدي هاجسٌ آخر، وهو: هل «جميع» البيانات البشرية والمعرفة الإنسانية مُتاحة «كلّها» لماكينات الذكاء الاصطناعي؟

في رأيي ليست كلّ المعرفة البشرية منقولة إلى عالم الإنترنت، فما زالت ملايين المقالات والكتب والصور والتسجيلات، محفوظة بطريقتها القديمة، مثلاً أشرطة الكاسيت والفيديو المنزلية أو التسجيلات التي تحتفظ بها مؤسسات وأراشيف خاصّة.

ناهيك عن ملايين الدوريات والمجلات والفصليات المحفوظة بصيغتها الرقمية، وملايين القصص والحكايات المُتناقلة «شفوياً» وصناديق حفظها هي «صدور» الناس.

وحتى المحفوظ في الإنترنت ليس كله مُتاحاً للوصول، وعليه فإنَّ الذي يتغذّى عليه هذا الذكاء الاصطناعي هو جزء، ربما لا بأس به، من كُلٍّ كبير وغزير.

إذن فمعرفة الذكاء الاصطناعي، مهما بلغت تظل محدودة، حتى لو وُظّف له عشرات الآلاف من الخبراء والمدخلين، هذا إذا افترضنا أن المُدخلين والمراقبين على المحتوى يملكون التأهيل والخبرة والحساسية الكافية لتمييز الطيّب من الخبيث والحقيقي من الزائف.

وبعد هذا كُلّه، كما جاء في التحقيق، فعمل هؤلاء المُدخلين والمراقبين على الذكاء الاصطناعي يبقى في الظل، بعيداً عن بريق المؤتمرات الصحافية أو الإعلانات التي تصف الذكاء الاصطناعي بأنه ثورة سحرية. وكما قالت إحدى العاملات بالمجال: «الذكاء الاصطناعي ليس سحراً.. إنَّه قائم على جهد ووقت آلاف الأشخاص الذين لا يراهم أحد».

الذكاء الاصطناعي نقلة كبيرة في إدارة المعرفة البشرية، لا ريب في هذا، لكن ليس بالطريقة الاحتفالية «الدرويشية» التي نراها اليوم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دراويش الذكاء الاصطناعي دراويش الذكاء الاصطناعي



GMT 18:07 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

...عندما تبدو النجوم

GMT 18:06 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

السابقة الكبرى

GMT 18:02 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

‎سقوط الأوهام بعد الهجوم على الدوحة

GMT 17:59 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

أعمال الخير ليست في بناء المساجد فقط

GMT 17:57 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

من سمّ عمانَ إلى صواريخ الدوحة

GMT 17:55 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

تبعات العدوان الإسرائيلي على قطر

GMT 17:53 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

أين هي أميركا من التهور الإسرائيلي؟

GMT 17:50 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

بحيرة طبريا ونهاية الزمان

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 17:54 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 19:54 2018 السبت ,17 آذار/ مارس

الحجاب: فريضة أم أيديولوجية سياسية؟

GMT 09:32 2021 الأربعاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

"فيفا" يوصي بمتابعة اللاعب أشرف بنشرقي في "كأس العرب"

GMT 00:15 2020 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

شركة صينية تكشف عن أول طرازاتها للسيارات الطائرة

GMT 03:22 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الألوان الجريئة تحتل قمة اختيارات ديكورات المنازل في 2019

GMT 17:07 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

رجل يصوّر زوجته عارية داخل فندق ويُهددها بنشر الفيديو

GMT 08:22 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

"إيتا" الباسكية تنهي حقبة الدماء في إسبانيا

GMT 10:14 2018 الخميس ,11 تشرين الأول / أكتوبر

5 ميزات جديدة في تطبيق "واتساب" لمُستخدمي الأندرويد
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib