‎عبد الناصر وصدمة الأنصار والإخوان

‎عبد الناصر.. وصدمة الأنصار والإخوان

المغرب اليوم -

‎عبد الناصر وصدمة الأنصار والإخوان

عماد الدين حسين
بقلم - عماد الدين حسين

من المفارقات الغريبة فى السياسة المصرية والعربية أن أنصار جماعة الإخوان وغالبية تيارات الإسلام السياسى الذين اختلفوا جذريا مع الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر فى معظم السياسات وشنوا عليه، وما يزالون، هجمات متتالية وجدوا أنفسهم فى بعض الأحيان يصطفون خلف تصريحاته وأفكاره فيما يتعلق بموقفه من الصراع العربى الإسرائيلى.
‎أكتب عن هذا الموضوع التاريخى لأنه صار متصلا بالحاضر وربما المستقبل
‎بعد أن تابعنا قبل أيام بث تسجيل صوتى للقاء مهم بين جمال عبد الناصر والرئيس الليبى الأسبق معمر القذافى يعود إلى ٤ أغسطس١٩٧٠، وينتقد فيه عبد الناصر الحكومات العربية التى تزايد على موقفه من إسرائيل بعد أن قبل مبادرة روجرز لوقف إطلاق النار مع إسرائيل.
‎ وقتها شنّ قادة العراق وسوريا والجزائر وقادة الفصائل الفلسطينيون هجوما حادا على عبد الناصر، واعتبروه انهزاميا فخاطبهم قائلا: ولماذا تتكلمون فقط، ومن الذى يمنعكم من محاربة إسرائيل من جهة سوريا؟!
‎كلام عبد الناصر شديد الواقعية أصاب بعض أنصاره بالصدمة لأنهم كانوا يرسمون صورة معينة لناصر باعتباره الزعيم الذى أخذ على عاتقه محاربة إسرائيل بغض النظر عن الواقع الموجود على الأرض.
‎لكن المفارقة أن كلام عبد الناصر مع القذافى لم يصب بعض أنصاره فقط بالصدمة، بل أصاب العديد من أنصار الإخوان والإسلام السياسى وجزء كبير من المواطنين العرب بنفس الصدمة، بل ربما بصورة أشد.
‎الإخوان لا يطيقون اسم أو صورة عبد الناصر ويعتبرونه عدوهم الأول بعد صدامات ١٩٥٤ و١٩٦٥ لكن عددا كبيرا منهم صار ينصفه بسبب مواقفه وتصريحاته مع إسرائيل، وصدامه مع أمريكا الداعم الأكبر لها.
‎كلام عبد الناصر شديد الواقعية أصاب أيضا العديد من المواطنين العرب العاديين الذين يشعرون بالعجز تجاه البلطجة الإسرائيلية.
‎ هم كانوا يحنون إلى خطب وتصريحات ومواقف ناصر ضد إسرائيل وأمريكا باعتبارها المرجع الذى ينبغى أن يتبناه كل القادة العرب.
‎غالبية هذه الفئات الثلاث أى بعض أنصار عبد الناصر وأنصار تيار الإسلام السياسى وعموم المواطنين العرب من حزب «الكنبة» كانوا يسألون ببراءة منذ بدء عدوان إسرائيل على قطاع غزة فى أكتوبر ٢٠٢٣،  لماذا لا تقطع الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة، وتعلن الحرب الفورية على إسرائيل، ولماذا لا يقتدى هؤلاء الحكام بمواقف عبد الناصر؟
‎وبالتالى حينما يسمع أنصار هذه الفئات الثلاث كلام عبد الناصر شديد الواقعية، فسوف يصابون بالمفاجأة أولا، ثم الصدمة، وبعدها فمن المنطقى أن يبدأ هؤلاء فى التفكير فى التصرف بحكمة وعقلانية بدلا من الاندفاع والتهور.
‎هذا الجمهور حينما يفتح بعض الفضائيات العربية ووسائل الإعلام العربية التى تتولى بدأب شديد وعمليات الحشد والتعبئة والإقناع لعموم الجماهير العربية بالمواجهة، ربما يبدأ فى التفكير بصورة عقلانية أكثر، ويسألون نفس الأسئلة التى سألها عبد الناصر فى حديثه مع القذافى خصوصا: كيف ستحارب مصر وحدها فى حين أن غالبية العرب لا يساعدونها، وكيف سنحارب إسرائيل وعلاقات بعضنا مع إسرائيل ومع الولايات المتحدة أقوى من علاقاتنا ببعضنا البعض.
‎أظن أن هذه هى النقطة الأساسية لهذا التسجيل، أى أن يفكر الجميع بواقعية وعقلانية.
‎لكن هناك وجهة نظر أخرى تقول إن عبد الناصر حينما قبل مبادة روجرز ووقف إطلاق النار لمدة ٦ شهور، فقد كان ذلك لبناء حائط الصواريخ واستكمال بناء القوات المسلحة وأنه بدأ حرب الاستنزاف بعد هزيمة ٥ يونية ١٩٦٧ بأيام، وبالتالى فهو لم يستسلم بل بدأ يستعد للمعركة على أسس عملية وعلمية، خلافا لما كان عليه الحال قبل الهزيمة وبناء على كل ذلك فإنه كان واقعيا للاستعداد للمعركة وليس وقوعيا استسلاميا.
‎فى كل الأحوال فإن بث لقاء عبد الناصر مع القذافى وكل ما أثاره من جدل على مواقع التواصل الاجتماعى يكشف من جديد أن ناصر ما يزال مؤثرا فى المشهد السياسى المصرى والعربى، سواء بصورة إيجابية من قبل أنصاره أو بصورة سلبية فى نظر خصومه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

‎عبد الناصر وصدمة الأنصار والإخوان ‎عبد الناصر وصدمة الأنصار والإخوان



GMT 21:06 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

آخر الرحابنة

GMT 21:04 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حلّ الدولتين... زخمٌ لن يتوقّف

GMT 21:03 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

«تامر يَجُرّ شَكَل عمرو!»

GMT 21:01 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

رياح يوليو 1952

GMT 20:59 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

لا يجوز في الساحل ولا يليق

GMT 20:58 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

الوزير الخائن دمر الفسطاط (1)

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حرب المساعدات

GMT 11:10 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حديث الصيف: أيام العرب في الجاهلية

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 19:34 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة
المغرب اليوم - فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة

GMT 17:16 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 16:39 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 16:18 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 19:12 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس والشعور

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:19 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 19:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib