ملامح اليوم التالي

ملامح اليوم التالي

المغرب اليوم -

ملامح اليوم التالي

عماد الدين حسين
بقلم : عماد الدين حسين

اليوم التالي في غزة بدأت ملامحه تتضح رويداً رويداً، وإذا سارت الأمور طبقاً للتصورات والتصريحات الراهنة فإن اليد العليا في غزة ستكون تحت إدارة أمريكية شبه مباشرة مع مشاركة عربية نسبية، وتحفظات إسرائيلية، فخطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لا تعطي أي طرف كامل ما يتمناه. قبل أن يتوقف إطلاق النار في قطاع غزة، كانت هناك أربعة أو خمسة مشروعات أساسية بشأن اليوم التالي في غزة.

الأول مشروع إسرائيلي واضح، ويتمثل في احتلال قطاع غزة بالكامل، والحديث العلني عن تهجير أهله بالكامل، وعودة الاستيطان الإسرائيلي إليه، لكن كانت هناك تحفظات أمنية وسياسية وتكلفة اقتصادية يصعب تحملها على المدى البعيد.

اليمين المتطرف المؤيد لرئيس الحكومة، بنيامين نتانياهو، هو الذي كان يدفع باتجاه تنفيذ مخطط التهجير القسري أو الطوعي وعودة الاستيطان، لكن المؤسسة الأمنية كانت شديدة التحفظ على هذه الأفكار، إضافة للمعارضة العربية والإقليمية والدولية.

المشروع الثاني هو الأمريكي، وشهد تخبطاً وتقلباً واضحاً منذ إعلان ترامب لدى عودته للبيت الأبيض في نهاية يناير الماضي، أنه يريد تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، والاستيلاء أو السيطرة على غزة، وإقامة ريفيرا فيها.


ومع المعارضة الفلسطينية والعربية والدولية تراجع ترامب كثيراً عن خطته بأكثر من صيغة، لكنه كان يعود بين الحين والآخر إلى التلميح للخطة أو بعض عناصرها بصورة أو بأخرى. المشروع الثالث بطبعه يخص «حماس»، وهي تتمنى أن يستمر حكمها كما هو، وكأن زلزال 7 أكتوبر وتداعياته وارتداداته لم يحدث، هي قبلت أن تخرج من صدارة المشهد السياسي فقط، لكنها لم تقبل نزع سلاحها أو نفي قادتها أو تسليم السلطة الفعلية إلى أي جهة أخرى.


المشروع الرابع يخص السلطة الفلسطينية في رام اللّٰه، وهي ترى وتعتقد أنها الأحق بإدارة قطاع غزة باعتباره جزءاً لا يتجزأ من فلسطين، ولا يمكن قبول فصله عن الضفة. هي قبلت بعض الصيغ التمهيدية مثل لجنة الإسناد المجتمعي، لكنها أصرت طوال الوقت على ضرورة أن تكون كل الاقتراحات نابعة، ومنتهية عند ولايتها.

المشروع الخامس عربي، وبدأ مصرياً بلجنة الإسناد المجتمعي، وتم تقديمه للقمة العربية الإسلامية الطارئة، التي عقدت في القاهرة في مارس الماضي. القمة اعتمدت الاقتراح، وصار رسمياً وعربياً وإسلامياً، ويحظى بدعم دولي واسع النطاق، لكنه مرفوض إسرائيلياً وأمريكياً إلى حد كبير.

هذه هي الأفكار الرئيسية الأساسية التي كانت مطروحة إلى أن طرح ترامب خطته في 29 سبتمبر الماضي، وتتضمن 20 بنداً، منها ثلاثة بنود في صالح الفلسطينيين، وهي وقف الحرب وإدخال المساعدات، ووقف مخطط التهجير، لكن بقية البنود تعطي أمريكا حق إدارة غزة عبر مجلس السلام، الذي يرأسه ترامب، مع قوة استقرار دولية بمشاركة عربية، مع وجود ثغرات كثيرة تمكن إسرائيل من العودة للعدوان في كل لحظة ما لم تلجمها أمريكا، وقد بدأ تنفيذ الخطة عملياً بمؤتمر قمة شرم الشيخ ووقف إطلاق النار، الذي لا يزال صامداً حتى هذه اللحظة مع بعض الخروقات.

النقطة الجوهرية في التطورات الأخيرة التي تجعلني أتوقع أن سيناريو الإدارة الأمريكية هو الأقرب يتمثل في التسريبات الصحافية التي تقول إن إعادة الإعمار في غزة ستتم في المناطق التي لا تزال خاضعة للسيطرة الإسرائيلية، وهي تزيد على 50% من مساحة القطاع، وترجمة ذلك عملياً أن عدم قبول حماس الانسحاب من المشهد السياسي ونزع سلاحها سيعني أن هذه المناطق لن يطالها إعادة الإعمار.

بطبيعة الحال يصعب الحكم النهائي على تنفيذ ذلك على أرض الواقع، فإسرائيل لا تريد قوات دولية، وتريد الاحتفاظ بحق التدخل في غزة في أي لحظة على غرار ما تفعله في لبنان الآن، وترامب لا يريد أن يدخل في صدام مباشر مع إسرائيل، ولا يوجد تناقص جوهري في أهداف الطرفين، لكن في نفس الوقت لا يريد لنتانياهو أن يفسد خطته لوقف دائم للقتال، والشروع في تسوية سياسية بغض النظر عن طبيعتها، وفي نفس الوقت يريد الفلسطينيون والعرب تسوية تقود إلى دولة فلسطينية، وكان لافتاً للنظر جداً تصريح ترامب، الخميس الماضي، بأن إسرائيل ستفقد كامل الدعم الأمريكي إذا قامت بضم الضفة الغربية، وهو موقف إذا استمر فقد يمثل بارقة أمل نحو تسوية معقولة، إذا سقطت حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل. خلاصة القول: إن ملامح اليوم التالي قد بدأت، لكنها لا تزال غائمة وغامضة، ومعرضة للتقلبات في أي لحظة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملامح اليوم التالي ملامح اليوم التالي



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 00:22 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود
المغرب اليوم - بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 21:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
المغرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه
المغرب اليوم - أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib