من نحن فراعنة أم عرب أم ماذا

من نحن.. فراعنة أم عرب أم ماذا؟!

المغرب اليوم -

من نحن فراعنة أم عرب أم ماذا

عماد الدين حسين
بقلم : عماد الدين حسين

السؤال الموجود فى عنوان هذا المقال ليس جديدًا، فهو يتردد منذ عقود وربما منذ قرون على ألسنة النخب المصرية المتتالية.

هو يُثار حينًا ويخفت أحيانًا، لكنه لم يختفِ تمامًا، ومن الواضح أنه لن يختفى، وسيظل يشغل بالى وعقول الكثيرين.

مناسبة حديثى اليوم عن هذا الموضوع أنه يصادف افتتاح المتحف المصرى الكبير رسميًا، مساء اليوم، وهى مناسبة قومية مهمة تستعد لها الدولة منذ سنوات.

كان مفترضًا أن يتم الافتتاح فى أكتوبر ٢٠٢٣، لكن زلزال «طوفان الأقصى» أجّل الأمر، وفى كل مرة كان يتم مناقشة تحديد موعد آخر، كانت الظروف الإقليمية والعدوان الإسرائيلى الغاشم على الشعب الفلسطينى تحول دون ذلك، إلى أن استتبت الأمور وتوقف العدوان الإسرائيلى بصورة كبيرة وليست نهائية.

اليوم يفترض أن تشهد مصر اليوم أكبر مظاهرة عالمية احتفالًا بافتتاح هذا المتحف الذى يعتبره الكثيرون حدثًا أثريًا عالميًا بامتياز، باعتباره أنه سيكون المتحف الأكبر عالميًا الذى يضم آثار حضارة واحدة، هى الحضارة الفرعونية.

عدد كبير من سكان العالم خصوصًا فى أوروبا مغرم بالحضارة الفرعونية، وتلمس ذلك ليس فقط فى تدفق السائحين على الأهرامات وأبوالهول والأقصر وغيرها، لكن فى علم المصريات المنتشر فى العديد من الجامعات العالمية الكبرى.

نعود إلى السؤال الذى بدأنا به، حيث يشهد انتشارًا فى وسائل التواصل الاجتماعى بين أجيال وفئات لم تكن منشغلة به كثيرًا، حيث كان قاصًا على قلة من المثقفين.

وقبل الدخول فى مناقشة السؤال الكبير المتعلق بحقيقة الهوية المصرية أكرر أن هناك تيارًا يقول ويصر على أن مصر هى فرعونية فقط وتيارًا آخر عريضا وواسعا يقول إن مصر عربية إسلامية فقط، وتيارًا أقل يقول إنها إسلامية فقط.

وتيار آخر يقول إنها تنتمى إلى حضارة البحر المتوسط الأقرب للحضارة الأوروبية، وتيار آخر يقول إن مصر خليط من كل ما سبق وينبغى ألا يكون هناك حصر مصر فى حقبة زمنية، أو حضارية واحدة، لأن أحد أسباب عظمتها وتفردها أنها استوعبت كل الحضارات وهضمتها وصارت مزيجًا فريدًا لا يمكن فصل مكوناتها بعضها عن بعض.

وهذا الرأى هو ما أراه أقرب إلى الصواب.

وعندما طرحت نفس السؤال على «شات جى بى تى» جاءت إجابته متطابقة مع الرأى الأخير، فمصر من أقدم حضارات العالم المتواصلة حضاريًا إذا بدأت فيها الدولة المركزية الموحدة نحو ٣١٠٠ قبل الميلاد مع الملك مينا «نارمر».

والحضارة الفرعونية كونت أساس الشخصية المصرية أى حب النظام واحترام الدولة والتمسك بالأرض، وهناك الكثير من المظاهر الاجتماعية والثقافية الحالية لها جذور فرعونية خصوصًا فى الزراعة واحترام الأم والنيل وروح الفكاهة.

وبالتالى فالرأى الأقرب إلى المنطق أن مصر فرعونية الأصل الحضارى، لكن ذلك لا يمكن أن ينفى أو يقلل من المكونات الأخرى التى صارت جوهرية وأساسية فى مكون الهوية.

كانت هناك اللغة القبطية القديمة، لكنها تراجعت أمام اللغة العربية بعد الفتح الإسلامى، ومع دخول اللغة العربية صارت مصر شيئًا فشيئًا عضوًا فاعلًا فى الأمة العربية ثقافيًا وسياسيًا، وبالتالى فإن مصر عربية الثقافة واللغة، لكنها ليست بدوية الأصل بل حضارة نطقت بالعربية.

ولا يمكن إطلاقًا تجاهل دور الإسلام فى مصر، هو منذ دخوله إلى مصر فى القرن السابع الميلادى تحول إلى الدين الرسمى للدولة، والأهم المكون الأساسى فى الوجدان الشعبى للأغلبية.

إسلام المصريين فى عمومه معتدل وصوفى وممزوج بالرحمة الإنسانية، الأمر الذى شكّل جانبًا مهمًا من الهوية المصرية الحديثة.

وبالتالى يمكن القول إن مصر إسلامية العقيدة والمرجعية الأخلافية من دون أن يسىء ذلك إلى المكون القبطى أيضًا فى مصر.

وليس غريبًا أن يكون أقباط مصر متشربين بالثقافة العربية بحكم اللغة والثقافة.

لا أصادر على رأى أحد، لكن أرى أن مصر عربية إسلامية فرعونية متوسطية، ولا يمكن أن يلغى مكون بقية المكونات.

هى طبقات كونت هذا المزيج الفريد لتركيب مصر والمصريين على مر العصور.

تحية لكل من ساهم فى بناء المتحف الكبير من أصحاب الفكرة مرورًا بأصغر عامل نهاية بالحكومة والرئيس السيسى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من نحن فراعنة أم عرب أم ماذا من نحن فراعنة أم عرب أم ماذا



GMT 18:25 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

المبالغة في التحذيرات “مثل قلتها”

GMT 18:23 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

حقّاً أهرام

GMT 18:19 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

أمامَ محكمة الرُّبعِ الأول

GMT 18:17 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

مِثال علاء عبد الفتاح

GMT 18:14 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

لبنان ومخاطر الإدارة المجتزأة

GMT 18:10 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

فى متحف الشمع!

GMT 18:05 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

شيطنة الجسد الأنثوى

GMT 18:01 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحكاية ليست «الملحد»

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:03 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يهدد بضربة عسكرية ضد طهران ويطالب حماس بنزع السلاح
المغرب اليوم - ترامب يهدد بضربة عسكرية ضد طهران ويطالب حماس بنزع السلاح

GMT 22:00 2023 الثلاثاء ,09 أيار / مايو

الشرطة المغربية تضبط شخصين في مدينة أكادير

GMT 12:33 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

ترمب يعلن احتجاز ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا

GMT 08:08 2015 الأربعاء ,09 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق سماعات رأس لاسلكية تعمل بالبلوتوث بـ400 دولار

GMT 12:22 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تعلن عن عطل كهربائي قبيل تحطم طائرة تقل عسكريين ليبيين

GMT 09:03 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

مصطفى بنحمزة يشرف على افتتاح قاعة رياضية نسوية في وجدة

GMT 04:47 2012 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الصحة: 116 مصابًا فى مليونية الثلاثاء وحالة وفاة واحدة

GMT 00:34 2016 الإثنين ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

وصفة عمل حلى شعيرية باكستانية

GMT 20:33 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

إنستغرام يحظر حسابا قديما باسم "ميتافيرس"

GMT 04:41 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

الصحفي والحقوقي اليمني الزبيب يتسلم جائزة رائف بدوي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib