«إسرائيل وشهر أكتوبر»

«إسرائيل وشهر أكتوبر!»

المغرب اليوم -

«إسرائيل وشهر أكتوبر»

حسين شبكشي
بقلم - حسين شبكشي

تماماً كما فضحت أحداث يوم السادس من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973 هشاشة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية «الموساد» وأجهزة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية «أمان» بل ومنظومة الدفاع العسكرية الإسرائيلية بأسرها، يكرر التاريخ نفسه، وإن كان بصورة مختلفة، ليفيق الإسرائيليون على صدمة أحداث يوم السابع من أكتوبر الفائت، التي تجيء بعد خمسين عاماً على أحداث السادس من أكتوبر، ليكتشفوا أنهم يعيشون تحت حكومة منقسمة ومهترئة، ومنظومة استخبارات متغطرسة ونرجسية، وجيش مغيب وخارج الخدمة تماماً.

إسرائيل تدفع ثمن رفضها المستمر لأطروحات السلام المقدمة لها وتعاملها المتغطرس مع الشعب الفلسطيني ووصفهم تارة «بأرض بلا شعب»، وتارة «بالحيوانات التي لا حق لها في الحياة»، ومع الوقت تحولت مسألة حقوق الشعب الفلسطيني إلى ما يشبه اللعنة التوراتية التي تلاحق إسرائيل منذ تأسيسها.

وحاولت إسرائيل ومنذ اللحظات الأولى لأحداث السابع من أكتوبر الأخيرة إحياء خطة تخص قطاع غزة وضعت في أدراج أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية حتى حصول الوقت المناسب لها.

ولهذه الخطة تاريخ مهم ومثير للجدل يستحق الرجوع إليه والتذكير به. ففي عام 2004 عقد في إسرائيل مؤتمر هرزاليا، وهو مؤتمر سنوي يدعى إليه نخبة الساسة والأكاديميين وأجهزة الأمن والاستخبارات لتبادل وتطوير أفكار السياسات والحلول والاقتراحات التي تخص إسرائيل وأمنها.

وخلال هذا المؤتمر تم طرح فكرة «خطة غزة الكبرى» التي أصبحت الفكرة المركزية للمؤتمر وقتها، وقد تبنى الفكرة مؤسس المؤتمر أوزي أراد، والمعروف بعلاقته الوثيقة جداً برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكونه من أهم وأقرب مستشاريه. وتقترح هذه الخطة دولة فلسطينية خارج حدود فلسطين التاريخية، يحصل الفلسطينيون فيها على جزء من شبه جزيرة سيناء (تكون مع قطاع غزة الحالي دولة فلسطين الجديدة بالكامل)، وبالمقابل تحصل إسرائيل على باقي الضفة الغربية.

وعادت تفاصيل هذه الخطة الخبيثة إلى الظهور مجدداً مع تصريحات ساسة وضباط إسرائيليين تطلب من سكان غزة ضرورة التوجه إلى سيناء حفاظاً على أمنهم وسلامتهم.

فوجئت إسرائيل بحائط صد سياسي عربي موحد بقيادة المملكة العربية السعودية ومصر يطلب وضع حد لتهجير سكان غزة، وفتح الممرات الحدودية لإدخال المعونات الإنسانية، ووضع حد للمجازر الإنسانية بحق المدنيين الأبرياء العزل.

وبعيداً عن المواقف المنتظرة من عواصم الغرب السياسية التي هرولت بتأييد أعمى لإسرائيل و«حقها في الدفاع عن نفسها» والذي هو بمثابة رخصة قتل وانتقام مفتوحة، بعيداً عن كل هذا فوجئت إسرائيل بأحجام المظاهرات المؤيدة لفلسطين في العواصم الأوروبية ومدن الولايات المتحدة الأميركية الكبرى، وأستراليا، والكثير من دول العالم.

إسرائيل آخر الدول الاستعمارية العنصرية في العالم اليوم وهي تخالف القوانين الدولية والأخلاق التي تم الاتفاق عليها في أوساط المجتمع الدولي.

أحداث السابع من أكتوبر الأخيرة تعيد إلى الواجهة تذكير الساسة حول العالم بأن حل مشكلة الصراع العربي - الإسرائيلي هو حل عادل للقضية الفلسطينية، يشمل إقامة دولتهم على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وأي حل خارج هذا الإطار هو هروب من مواجهة المشكلة الأساسية نفسها.

وليس هذا الرأي هو لسان الحال العربي، ولكنه افتتاحية صحيفة «هآرتس»، وآراء الكثير من كتاب الرأي في إسرائيل الذين خرجوا ضد بنيامين نتنياهو المتهم بالفساد وحكومته الأصولية المتطرفة الفاشية.

حكومة تتضمن وزراء ينادون بإخراج كل الفلسطينيين من أرض إسرائيل. وعدم الاعتراف بأي حق من حقوقهم هو تفكير لم يسمع مثله بهذا الشكل العلني الفج إبان حكم الأبارتهايد الانفصالي العنصري في جنوب أفريقيا، ولا حتى أيام الحكم النازي في ألمانيا.

إسرائيل لديها مشكلة وجودية تخصها، تقاد من رئيس وزراء متهم بالفساد، باع نفسه لمجموعة فاشية، وكوّن معها حكومة قسمت إسرائيل وهددت بحرب أهلية فيها؛ كل ذلك لأجل إنقاذ نفسه من قضاء بقية عمره خلف القضبان، ولأجل الغرض نفسه يجدد رغبة المتطرفين في حكومته لحرب شاملة على كل فلسطيني في غزة... إنه الجنون بعينه.

وعندما تصبح هذه المشكلة الوجودية الإسرائيلية غير أخلاقية وعابرة للحدود تتحول إلى تحدٍ مطلوب من المجتمع الدولي مواجهته، وهذا على أقل تقدير ما تقوم به السعودية ومصر في مواجهة إسرائيل وحلفائها بشكل يستحق التقدير.

أكذوبة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر تم التأكيد عليها مجدداً، وأن إسرائيل من دون العمق الأميركي الداعم لها، هي بيت من ورق، ويبقى الحل مهما حاولت إسرائيل تغيير الموضوع والسردية هو تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه على دولته المستقلة. نقطة على السطر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«إسرائيل وشهر أكتوبر» «إسرائيل وشهر أكتوبر»



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929

GMT 23:46 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنك مغربي يصرف شيكا باللغة الأمازيغية

GMT 23:52 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

الفيضانات تقتل 141 حيوانًا بريًا في الهند

GMT 11:06 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الكشف عن "ميني كاب"أصغر سيارة إطفاء في العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib