جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي
إعصار كالمايجي يودي بحياة أكثر من 116 شخصا ويعد الأشد في الفلبين هذا العام زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب شمال جزيرة سولاويسي في إندونيسيا الخطوط الجوية التركية تعلن عن إستئناف رحلاتها المباشرة بين إسطنبول والسليمانية اعتباراً من 2 نوفمبر 2025 مفاوضات سرية تجرى بين إسرائيل وحركة حماس لتمرير ممر آمن لمقاتلي حماس مقابل جثة الجندي هدار غولدين وزارة الصحة الفلسطينية تعلن إرتفاع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى 68875 شهيداً كتائب القسام تعلن العثور على جثة أسير إسرائيلي في الشجاعية وتتهم إسرائيل باستهداف مواقع استخراج الجثث بعد مراقبتها نتنياهو يهدد مقاتلي حماس في الأنفاق بين الاستسلام أو الموت وسط نقاشات إسرائيلية حول صفقات تبادل جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال عنصر من قوات الرضوان التابعة لحزب الله انفجار ضخم جنوب قطاع غزة ناتج عن نسف مربعات سكنية بمدينة رفح غزة تتسلم 15 جثماناً فلسطينياً في إطار صفقة تبادل الجثامين
أخر الأخبار

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي

المغرب اليوم -

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي

نديم قطيش
بقلم - نديم قطيش

يخشى السوريون من أن تضيِّع السجالات السياسية إنجاز إسقاط نظام الأسدين، بعد 54 عاماً من الحكم. يهرب معظمهم من الاستحقاقات السياسية الصعبة نحو التركيز على أولوية إعمار البلاد المهدمة نتيجة 14 عاماً من حرب النظام المتواصلة على الشعب. وتبدو الأولوية بالنسبة للكثيرين واضحة: إعادة بناء البنية التحتية، وتوفير الخدمات الأساسية، وضمان سبل العيش للملايين، والسماح لملايين النازحين بالعودة.

بيد أن الانكباب على إعادة الإعمار المادي وحده لن يبني دولة مستقرة، من دون الانخراط الصادق والعميق في ورشة الإصلاح السياسي التي تضمن إعادة تكوين شاملة لهياكل السلطة، وتثبيت قواعد متينة للحكم تعكس التنوع المجتمعي السوري. فآخر ما يحتاجه السوريون اليوم هو التأسيس لعودة الصراع الأهلي، أو إبقاء عدم الاستقرار شبحاً حاضراً، وإن مخفياً خلف ورش تشييد المباني أو تعبيد الطرق.

تحضر في هذا السياق دروس ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية؛ حيث أُسِّس لأنظمة حكم معتدلة وحديثة، عبر المزج بين إعادة الإعمار وقيادة التحول السياسي الشامل، والتي أفضت إلى سلام دائم وازدهار مستمر. ولعل الأمثلة المعاصرة والأكثر ملاءمة لجوانب محددة من الأزمة السورية، هي رواندا وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية؛ حيث أضيفت أولوية المصالحة إلى الإصلاحات السياسية، وبناء المؤسسات، وجهود التعافي الاقتصادي.

خروج سوريا من جحيم الإبادة الأسدية يشبه مسار رواندا التي حطمتها الإبادة الجماعية عام 1994، والتي ما قامت لها قائمة إلا لأنها أعطت الأولوية لبناء تقنيات وآليات فعالة تتيح مصالحة مجتمعية حقيقية وعميقة ومستدامة، مثل محاكم «الغاكاكا» التي أعادت بناء النسيج الاجتماعي الرواندي، وخدمت تحقيق العدالة الانتقالية في الوقت نفسه.

فعبر الاعتراف بالجرائم والمصارحة بين الضحايا والجناة، ساهمت محاكم «الغاكاكا» التقليدية في رواندا في إعادة بناء الثقة والنسيج المجتمعي في البلاد، عبر العفو المشروط، وإعادة دمج الجناة الصغار، وتعزيز الحوار المجتمعي المفتوح. أما الشق الثاني الذي بدأه السوريون بالفعل نتيجة وفرة تطبيقات التواصل الاجتماعي، وكفاءة السوريين في استخدامها، فهو التركيز على توثيق جرائم النظام السابق، وبناء ذاكرة جماعية لمعاناة سورية مشتركة، ستشكل -كما في «الوصفة الرواندية»- أساساً متيناً لعدالة ذكية تعالج جذور الصراع وتمنع تكراره.

تواجه سوريا -بتنوعها الطائفي والعرقي- تحديات مشابهة، لا يمكن لها إلا أن تزداد حدة في ظل حكومة عقائدية إسلامية. صحيح أن خطاب أحمد الشرع شكَّل مفاجأة سياسية كبيرة، بالنظر إلى تاريخ «جبهة النصرة» التي قادها بصفته السابقة: «أبو محمد الجولاني»، إلا أنه كلما عجَّل في التخفف من نموذج حكم يقوم على هوية آيديولوجية واحدة، بدد الانقسامات التي مزقت البلاد، وضمن توسعة التمثيل السياسي المانع للإقصاء والإحباط. إن مثل هذه الهواجس والتوترات الكامنة ليس بوسع جهود إعادة الإعمار وحدها تجاوزها.

الجانب الآخر المفاجئ، هو إدراك الإدارة السورية الجديدة لحاجتها إلى دور المجتمع الدولي، القريب والبعيد، كشريك في المرحلة الانتقالية؛ لكن هذه الشراكة لا يمكن لها أن تقتصر على علاقةٍ عنوانها الدعم الاقتصادي، أو الدعم السياسي، لقرار رفع العقوبات، من دون ضمان بناء قدرات حكم محلي تحول دون تجدد أسباب الاقتتال الأهلي وانهيار الاستقرار.

فالانتقالات السريعة في العراق وأفغانستان، واستعجال استثمار الشرعيات الثورية، وتهميش الإصلاحات السياسية والمؤسسية، والبناء فقط على تحقيق الأهداف العسكرية وإنجاز إسقاط النظام القائم، تقدم دروساً قاسية حول ما لا يجب فعله.

فتفكيك مؤسسات النظام من دون بدائل واضحة ومناسبة -كما حدث في العراق- أو الاعتماد المفرط على المساعدات الخارجية من دون تعزيز الشرعية والكفاءة المحلية -كما في أفغانستان- أدى إلى زعزعة الاستقرار بشكل أكبر في البلدين، وتعطيل نهوضهما إلى الآن.

سوريا لا يمكنها تحمل تكرار هذه الأخطاء. ما يعوز سوريا الآن هو وضع معايير واضحة لإعادة تكوين السلطة، لإنتاج مؤسسات يقودها سوريون يتمتعون بأوسع صفة تمثيلية ممكنة، وفي فترة أقل بكثير مما تقترحه الإدارة الجديدة لكتابة الدستور وإجراء الانتخابات.

من حق السوريين الذين قدموا في مجتمعات النزوح تجارب نجاح اقتصادي باهرة، أن ينعموا بالانتعاش الاقتصادي في بلدهم، بعد الخلاص من نظام الأسدين. لكن باب الاستدامة في هذا المجال، والذي يعد جزءاً حاسماً من معادلة استعادة سوريا، يظل مرتبطاً بطبيعته بالاستقرار السياسي، والقدرة على جذب المستثمرين والداعمين السوريين والأجانب. صحيح أن الإصلاح السياسي مشروع طويل الأمد، وأن الأولويات الفورية تتمحور حول توفير الغذاء والمأوى والرعاية الصحية، بيد أن الإصلاح السياسي وإعادة الإعمار المادي ليسا متناقضين، إلا لمن يريد أن يجعل من تناقضهما الوهمي باباً لتعطيل الإصلاحات السياسية وتأجيل الانتخابات إلى لحظة أكثر ملاءمة، أو بناء حكومة احتكارية حزبية وفق قاعدة غالب ومغلوب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي



GMT 22:43 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

العمدة

GMT 22:41 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

سمير زيتوني هو الأساس

GMT 22:36 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

عن الجثث والمتاحف وبعض أحوالنا...

GMT 22:34 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... اغتيال إنسانية الإنسان

GMT 22:32 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

غزة... القوة الأممية والسيناريوهات الإسرائيلية

GMT 22:30 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

النائب الصحفى

GMT 22:27 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بند أول فى الشارقة

GMT 22:25 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولة الوطنية هي الحل!

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 23:43 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن تسليم الصليب الأحمر جثة أسير إسرائيلي
المغرب اليوم - حماس تعلن تسليم الصليب الأحمر جثة أسير إسرائيلي

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 23:27 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

نيللي كريم ترد على شائعات ارتباطها بحارس مرمى شهير
المغرب اليوم - نيللي كريم ترد على شائعات ارتباطها بحارس مرمى شهير

GMT 23:07 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

راما دوجي الفنانة تصبح السيدة الأولى لنيويورك
المغرب اليوم - راما دوجي الفنانة تصبح السيدة الأولى لنيويورك

GMT 23:49 2020 الخميس ,03 أيلول / سبتمبر

"صراع" أندية إسبانية على نجم الرجاء السابق

GMT 06:52 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الفيضانات تجبر 2000 شخص على إخلاء منازلهم في الأرجنتين

GMT 22:06 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المكسرات تقلل خطر الموت المبكر من سرطان القولون

GMT 15:01 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

خط كهرباء يصعق 7 أفيال برية في غابة شرق الهند

GMT 01:47 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

5 صيحات جمالية عليك تجربتها من أسبوع نيويورك للموضة

GMT 13:04 2018 الإثنين ,09 تموز / يوليو

أمير كرارة يعتزم تقديم جزء جديد من مسلسل "كلبش"

GMT 07:38 2018 السبت ,12 أيار / مايو

مجوهرات شانيل لإطلالة جذابة في ربيع 2018

GMT 05:18 2016 السبت ,29 تشرين الأول / أكتوبر

طرق تحسين إضاءة المنزل بعد انقضاء الشتاء وحلول الخريف

GMT 18:56 2013 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

مطعم أردني يقدم الأكلات التراثية في جو عائلي حميم

GMT 09:23 2013 الجمعة ,15 شباط / فبراير

جسور لندن تأخذ المارة من الماضي إلى الحاضر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib