لماذا الفلسفة مهمة

لماذا الفلسفة مهمة؟

المغرب اليوم -

لماذا الفلسفة مهمة

خالد منتصر
بقلم : خالد منتصر

كثيراً ما نتهم الفلسفة بأنها غير مهمة، وأسهل حصة تشطب فى المدارس هى حصة الفلسفة! ودائماً يخاف واضعو المناهج من الفلسفة ويحاولون حصرها وحصارها فى أضيق نطاق بزعم خوفهم على الشباب.. إلخ، ولضيق المساحة ولأنه مقال وليس دراسة، سأضع أمام القراء بعض الأقوال عن أهمية الفلسفة كمفاتيح لفهم أهميتها فى حياتنا:إن أهمية الفلسفة متأتية من كونها تشد أنفسنا، أو إن شئت يقظتنا الفكرية، لأن هناك قضايا خطيرة فى الحياة لا يستطيع العلم أن يعالجها أو يقول فيها كلمته، ولأن الرأى العلمى ليس هو الرأى المناسب لتلك القضايا.

ثم لأن الفلسفة تقودنا لشىء من التواضع العقلى، أننا بفضل الفلسفة نعرف أن هناك أشياء كانت فى الماضى محل يقين علمى لا يتطرق إليه الشك، ولكن تبين فيما بعد أن ذلك اليقين خطأ فادح، إن اليقين العلمى لا يمكن أن نصل إليه عبر الطرق القصيرة وبالوسائل المبتورة.

إن الناس بدأوا يكتشفون أن عملية فهم العالم ليست سهلة. وهذه العملية هى الرسالة الأولى التى تهدف إليها الفلسفة. وسواء أردنا أن نستعمل العلم أو نستعمل الفلسفة لهذا الفهم فإنه لا مناص لنا من أن نستغرق وقتاً طويلاً، وأن نتسلح بفكر يبتعد عن روح اليقين الساذج والتصديق المتسرع.

برتراند راسلأهمية الفلسفة للحضارة من حيث إنها محاولة لتنظيم جميع المعلومات المتوافرة فى فكرة عامة. كما أنها أكثر تأثيراً من كل الدراسات الفكرية، فهى تبنى القصور الشامخة قبل أن يكون العمال قد حركوا حجراً واحداً، وتهدمها قبل أن توضع مواد البناء فى أماكنها.

إنها مهندسة مبانى الروح وهى أيضاً محطمتها، والفلسفة قد تعمل فى بطء، فقد ترقد الأفكار فى سباتها عدة قرون ثم على حين غرة يجد الجنس البشرى أنها أصبحت جزءاً أصيلاً فى كيانات النظم الاجتماعية.

والفلسفة أولاً وأخيراً جهد يهدف إلى الحصول على فهم منسق منطقى للأشياء الملاحظة.وايتهدالفلاسفة هم الذين يحركون الحضارة بأفكارهم، فإذا كانت الأفكار الكبيرة المبتكرة تفعل فعلها بصورة بطيئة فإنها تكون هائلة شأنها فى ذلك شأن الذبابة التى تلدغ فتستثير الوعى، أو شأن منارة تشير إلى مكان أفضل.

فالفلسفة صانعة التاريخ، والتاريخ الإنسانى بأثره هو تاريخ فلسفات وأيديولوجيات، فالأيديولوجية القديمة عند اليونان والرومان قد قسمت الناس إلى سادة وعبيد، ولهذا ظل الرق شائعاً زمناً طويلاً، وظلت نظريات الشعوبية والعنصرية صامدة مدى قرون، فلما جاء السيد المسيح نادى بالمساواة بين الناس فنشأت فلسفة تدعو إلى المحبة والوئام والسلام، ثم جاء الإسلام مصرحاً بالدعوة إلى العدالة والزمالة والأخوَّة الإنسانية فكانت هذه الدعوة عماداً لفلسفة جديدة تبشر بالديمقراطية الحقيقية والاعتزاز بكرامة الإنسانعثمان أمينالحضارة ليست إلا وليدة الفلسفة، وأن الفلسفة بدورها من نتاج الحضارة وليس ثمة فارق حاسم بين الفلسفة ودورها فى تاريخ الحضارة، فإذا عرفت مهمة الحضارة وحددت خصائصها التى تميزها أدركت تعريف الفلسفة نفسها. فوظيفة الفلسفة أن تنشئ نماذج يجرى على نمطها التفكير ويسير بمقتضاها السلوك، وبها تتقدم الحضارة، وبغير الفلسفة لا تكون حضارة.

جون ديوىإن الفيلسوف الذى تسخر منه العامة لأنه يعيش فى عالم أفكاره، هو فى الحقيقة قوة مهولة وفكره ذو تأثير لا يقل عن تأثير الديناميت. وهذا الفكر يسرى فى مجراه، ويلمس عقلاً بعد الآخر، ليصل فى النهاية إلى الجماهير ثم تأتى اللحظة التى ينتصر فيها على كل العقبات وليوجه مسار حركة الإنسانية أو يحفر قبراً لحطامها.

فمن يحب أن يعرف طريق المستقبل ينبغي أن يصغى، ليس إلى الساسة، بل إلى الفلاسفة، إن ما يعلنه الفيلسوف اليوم هو ما سيصير عقيدة الغد، عثمان أمين بالفلسفة يتحد الإنسان بمنبع كيانه ووجوده وروحه ويتحرر من كل ما عداه، فلا يقع تحت سيطرة الخوف من الآخرين أو العالم أو الموت أو النزعة الشيطانية لدى الإنسان التى تفسد بالكذب والخداع وتمويه الحقائق وبالديكتاتورية السياسية وبالمال وبالجاه وبالسلطان.. محمد ثابت الفندى.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا الفلسفة مهمة لماذا الفلسفة مهمة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

الأناقة الكلاسيكية تجمع الملكة رانيا وميلانيا ترامب في لقاء يعكس ذوقًا راقيًا وأسلوبًا مميزًا

نيويورك - المغرب اليوم

GMT 02:24 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

عطيات تبين وجود حل لاكتساب الطفل للألفاظ البذيئة

GMT 14:17 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

أفكار مميزة لتزيين مدخل منزلك ومنحه "الحياة"

GMT 18:46 2018 الثلاثاء ,20 آذار/ مارس

اعتقال نشطاء يؤجج الاحتجاجات في مدينة جرادة

GMT 06:33 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

عبد الرزاق رزق الله "ماندوزا" يرجع إلى تدريب الراسينغ

GMT 11:26 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

سعر الريال القطري مقابل درهم إماراتي الأحد

GMT 00:20 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

والدة هشام مشتري تشن هجومًا على محامية حمزة

GMT 00:18 2016 الأحد ,04 كانون الأول / ديسمبر

أسامة السعيدي يقترب من العودة إلى الدوري الهولندي

GMT 14:40 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

نقل قرعة كأس العالم على قناة "بين سبورت" الجمعة

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

نادي الرجاء البيضاوي يختبر اللاعب الموريتاني عيسى باباه

GMT 14:23 2012 الإثنين ,10 أيلول / سبتمبر

كيرا نايتلي جميلة الجميلات بثوب لإيلي صعب

GMT 15:13 2017 الإثنين ,17 تموز / يوليو

فوتشيك تشيزني حارس مرمى ينتقل الى يوفنتوس

GMT 04:22 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

غرفة الجنايات" في الدار البيضاء ترجئ النظر في قضية قتلة مرداس"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib