سوريا أى مسار مستقبلى

سوريا.. أى مسار مستقبلى؟

المغرب اليوم -

سوريا أى مسار مستقبلى

ناصيف حتّي
بقلم: الدكتور ناصيف حتّي*

الحدث الأهم هذا العام فى الشرق الأوسط تمثل فى السقوط السريع، والمفاجئ للكثيرين بالشكل الذى تم فيه، للنظام السورى رغم أن الكثير من مؤشرات الضعف حول قدرات النظام كانت قد ظهرت قبل ذلك. لقد فتح هذا السقوط الباب فى الإقليم لتداعيات كثيرة وذات درجات متعددة من التغيير أيًا كان اتجاه هذا الأخير. يعود ذلك بالطبع إلى الموقع الذى تحتله سوريا فى الجغرافيا السياسية فى المنطقة وخاصة فى المشرق، والدور الذى كانت تقوم به كلاعب تراجع دوره مع الوقت ثم كملعب فى «حروب الآخرين».

عدم حدوث الفراغ الكلى فى السلطة الذى عادة ما يواكب حالات من هذا النوع من السقوط لأنظمة مشابهة مرده حفاظ هيئة تحرير الشام، التى استولت على السلطة، على الحكومة القائمة لعدم حصول فراغ على صعيد تسيير أمور البلاد فى الحد الأدنى المطلوب.

تبع ذلك بالطبع تشكيل حكومة انتقالية ومؤقتة. كان ذلك بمثابة رسالة ليس فقط من الطرف الذى استولى على السلطة على الأرض لكن من طرف من هم حماته أو محتضنوه على أنهم مع إطلاق مسار مفتوح للحوار حول إقامة نظام جديد فى سوريا. الأمر الذى يطمئن الأطراف الخارجية المعنية. وللتذكير فإن اجتماع «مجموعة أستانا» (روسيا، وإيران، وتركيا) فى السابع من هذا الشهر على هامش منتدى الدوحة وإعادة قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ على الطاولة كآلية للحل فى سوريا كان بمثابة رسالة واضحة ومباشرة إلى النظام قوامها أن أيامه قد انتهت، وهو ما حصل فى أقل من ٢٤ ساعة.

اجتماع تبعه اجتماع مع الدول العربية الخمس (مصر، والسعودية، والأردن، والعراق، وقطر)، والتى كانت قد أكدت بدورها على الحل حسب القرار المشار إليه. اجتماع اللجنة الوزارية العربية الخاصة بسوريا الذى شاركت فيه أيضًا البحرين والإمارات العربية المتحدة وقطر، الذى عقد السبت الماضى فى الأردن، والذى أيضًا شمل الاجتماع مع الأطراف الأممية والدولية المعنية تحت عنوان تنفيذ القرار ٢٢٥٤ كان بمثابة رسالة واضحة فى كل الاتجاهات حول ضرورة المضى فى خريطة طريق لتنفيذ هذا القرار. وللتذكير فإن القرار المشار إليه يدعو لمفاوضات رسمية بين الحكومة والمعارضة بشأن عملية انتقال سياسى والتوصل إلى حل خلال فترة ستة أشهر، لا يقوم على الطائفية، وبلورة دستور جديد وإجراء انتخابات على أساسه. نظام يقوم على التشاركية بين جميع أبناء الوطن الواحد.

السؤال المطروح اليوم فى ظل هذا التوافق المبدئى فى العناوين أنه يجب أن يستمر ليواكب عبر الأمم المتحدة عملية التوصل إلى توافق فى المضامين مع التذكير أن الأطراف الدولية المعنية قادرة، ولو بدرجات مختلفة فى التأثير فى نجاح هذا المسار. يعود ذلك بالطبع إلى علاقات التأثير القائمة أو المستقبلية مع الأطراف السورية المختلفة. إن كل تأخير أو تعثر فى إطلاق وتقدم هذا المسار، وهو ليس بالأمر السهل نظرًا لتعدد الأطراف السياسية والعسكرية على الأرض فى سوريا وهوياتها العقائدية والسياسية والمصلحية المختلفة، قد يؤدى إلى سقوط سوريا فى المحظور. فإذا كانت الخلافات فى السياسة أمر أكثر من طبيعى فى كل المجتمعات، خاصة فى لحظة الخروج من الحروب المختلفة العناوين والمضامين، لكن التحدى أمام الجميع يكمن فى عدم السماح لهذه الاختلافات فى أن تسقط عملية الإنقاذ الوطنى فى حروب جديدة تحت عناوين مختلفة بين أبناء الوطن الواحد. الأمر الذى قد يؤدى إلى السقوط على سبيل المثال فى السيناريو الليبى أو السيناريو السودانى، مع ما لذلك من تداعيات على المستوى الإقليمى.

ولا بد من التذكير أخيرًا أن هنالك مصلحة عربية استراتيجية كبرى، وبالتالى مسئولية خاصة فى توفير الدعم والمواكبة الفاعلة لعملية الإنقاذ الوطنى فى سوريا، رغم التعقيدات والصعوبات الكثيرة القائمة، وذلك لإقامة نظام إقليمى مستقر فى الشرق الأوسط. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا أى مسار مستقبلى سوريا أى مسار مستقبلى



GMT 17:11 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

الأردن في مواجهة أوهام إيران والإخوان

GMT 17:10 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

يوم وطني في حرثا

GMT 17:08 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

مفكرة القرية: القرد وعايدة

GMT 17:07 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

تعفّن الدماغ... وحبوب الديجيتال

GMT 17:06 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

ثلاثة مسارات تغيير في الشرق الأوسط

GMT 17:03 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

أي كأس سيشرب منها كل من خامنئي وترمب؟

GMT 17:02 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

«كايسيد»... آفاق مشتركة للتماسك الاجتماعي

GMT 17:00 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

المستفيدون من خفض سعر الفائدة

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 21:54 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

زيلينسكي يعلن موقفه من هدنة "عيد الفصح"
المغرب اليوم - زيلينسكي يعلن موقفه من هدنة

GMT 19:44 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

فضل شاكر يطلق أغنيته الجديدة “أحلى رسمة”
المغرب اليوم - فضل شاكر يطلق أغنيته الجديدة “أحلى رسمة”

GMT 23:53 2020 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب الأهلي المصري وليد سليمان يعلن إصابته بكورونا

GMT 06:34 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

النجم علي الديك يكشف عن "ديو" جديد مع ليال عبود

GMT 02:20 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

الدكالي يكشف إستراتيجية مكافحة الأدوية المزيفة

GMT 02:12 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

مي حريري تكشف تفاصيل نجاتها من واقعة احتراق شعرها

GMT 04:04 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الفيلم السعودي 300 كم ينافس في مهرجان طنجة الدولي

GMT 06:00 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار جديدة لاستخدام القوارير الزجاجية في ديكور منزلك

GMT 02:38 2017 الخميس ,26 كانون الثاني / يناير

زيادة طفيفة في التأييد العام للسيدة الأولى ميلانيا ترامب

GMT 14:00 2023 السبت ,25 آذار/ مارس

عائشة بن أحمد بإطلالات مميزة وأنيقة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib