مستقبل الحرب في أوكرانيا

مستقبل الحرب في أوكرانيا

المغرب اليوم -

مستقبل الحرب في أوكرانيا

ناصيف حتي
بقلم - ناصيف حتي

في الرابع والعشرين من هذا الشهر تكون الحرب الروسية - الأوكرانية قد أكملت عامها الثالث. الحرب التي بدأت بغزو روسي شامل لأوكرانيا. وللتذكير، فإن هذه الحرب جاءت بعد عقد من الأعمال القتالية المختلفة الحدة في درجاتها بين الطرفين الروسي والأوكراني والتي شهدت استيلاء روسيا على منطقة شبه جزيرة القرم ومناطق شرقية في أوكرانيا. عشر سنوات لم تنجح الدبلوماسية في وقف هذه الحرب منذ انطلاق أعمال ما عُرف بمجموعة النورماندي الرباعية (روسيا أوكرانيا وفرنسا وألمانيا) في عام 2014، التي انعقدت على هامش احتفالات «الذكرى السبعين لإنزال الحلفاء» في النورماندي في الحرب ضد ألمانيا النازية. وُلد ما عرف بمجموعة النورماندي ثم «الثلاثي» الذي ضم كلاً من روسيا وأوكرانيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وأدت إلى اتفاقيات مينسك الأولى والثانية في عامي 2014 و2015. كل ذلك لم يودِ إلى إيجاد التسوية المطلوبة والمختلف حول تعريفها لوضع حد لتلك الحرب المتصاعدة خوفاً من الحرب الكبرى بين الطرفين. الحرب التي انطلقت مع الاجتياح الروسي لأوكرانيا منذ سنوات ثلاث. الحرب التي أعادت أوروبا التي انطلقت منها الحربان العالميتان الأولى والثانية، لتكون المسرح الأساسي لمواجهة دولية عسكرية روسية - غربية لا يدرك أحد مسارات تصعيدها من حيث حجم ودرجة المشاركة الغربية فيها ضد «الإمبراطورية الروسية» العائدة بقوة على المسرح الاستراتيجي الدولي.

حرب أعادت إحياء دور منظمة حلف شمال الحلف الأطلسي (ناتو) على الصعيد الاستراتيجي السياسي في أوروبا، وأيضاً خارج منطقة الأطلسي: بدأنا نسمع الحديث عن توسيع أهداف التعاون بين أعضائه لمواجهة الصين الشعبية في منطقة «المحيطين» بشأن تايوان ومستقبلها وصراع الكوريتين. كما تم إحياء «ناتو» على الصعيد العسكري في مواجهة غير مباشرة على الأرض مع القطب الدولي الروسي في «المسرح المركزي» الأوروبي. الجدير بالذكر، أن الحرب في المسرح الأوروبي أعطت قوة زخم لإحياء «ناتو» على الصعيد السياسي أيضاً؛ ما عزز التعاون «العابر للأطلسي» الذي شهد برودة لسنوات وكذلك خلافات في الأولويات. هذه الحرب شكلت الثقل الأساسي في مسار تبلور نظام عالمي جديد لم تستقر بعد سماته: نظام من المنتظر ولادته من رحم نظام عُرف بنظام «ما بعد بعد الحرب الباردة». نظام عُدّ عن حق نظاماً انتقالياً إلى أن تتضح وتستقر قواعد وسمات وأنماط العلاقات الدولية التي كانت في طور التبلور والتي ستحدد طبيعة النظام الجديد المنتظر. بدت الحرب في أوكرانيا المكلفة أيضاً بشكل كبير على الصعد كافة لأوروبا وكأنها حرب مفتوحة في الزمان، وقد تتطور وتتوسع في المكان من دون أي أفق فعلي لوقفها أو تحديدٍ لتسويتها بسبب تناقض المطالب والأهداف بين طرفيها. اليوم، مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، فإن مسار الحرب الأوكرانية قد يأخذ منحى آخر مختلفاً كلياً. مرد ذلك أن ترمب قد رفع شعار الدبلوماسية التفاعلية أو التبادلية transactional diplomacy عنواناً لاستراتيجيته الدولية. الدبلوماسية التي تستند إلى منطق الأحادية، وليس التحالفية الغربية والمتعددة الأطراف، في السياسة الخارجية. وفي الإطار ذاته، طالب، بما طالبت به الإدارة الأميركية السابقة بزيادة نسبة إسهام الحلفاء الأوروبيين مادياً في ميزانية «ناتو»، لكن مع تغير السياسة كما أشرنا عن الإدارة الأميركية السابقة.

ويبدو كما أشار أحد المعلقين، فإن إعادة إحياء «ناتو» ليعود كما كان خلال الحرب الباردة لن تعمر طويلاً مع الإدارة الأميركية الجديدة. فالتعامل صار اليوم بالقطعة. ذلك كله يدفع المفاوضات الثنائية الأميركية - الروسية إلى إزالة القطيعة نهائياً بين القوتين العظميين.

ملاحظة أخيرة لا بد منها، وقوامها أن الاتفاق حول إطلاق هذه المفاوضات لمنع القطعية بين موسكو وواشنطن من المملكة العربية السعودية دليل آخر على الدور الكبير والمتزايد الذي تقوم به المملكة على الصعيد الدولي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مستقبل الحرب في أوكرانيا مستقبل الحرب في أوكرانيا



GMT 17:11 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

الأردن في مواجهة أوهام إيران والإخوان

GMT 17:10 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

يوم وطني في حرثا

GMT 17:08 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

مفكرة القرية: القرد وعايدة

GMT 17:07 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

تعفّن الدماغ... وحبوب الديجيتال

GMT 17:06 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

ثلاثة مسارات تغيير في الشرق الأوسط

GMT 17:03 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

أي كأس سيشرب منها كل من خامنئي وترمب؟

GMT 17:02 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

«كايسيد»... آفاق مشتركة للتماسك الاجتماعي

GMT 17:00 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

المستفيدون من خفض سعر الفائدة

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 21:54 2025 السبت ,19 إبريل / نيسان

زيلينسكي يعلن موقفه من هدنة "عيد الفصح"
المغرب اليوم - زيلينسكي يعلن موقفه من هدنة

GMT 23:53 2020 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

لاعب الأهلي المصري وليد سليمان يعلن إصابته بكورونا

GMT 06:34 2018 الأحد ,03 حزيران / يونيو

النجم علي الديك يكشف عن "ديو" جديد مع ليال عبود

GMT 02:20 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

الدكالي يكشف إستراتيجية مكافحة الأدوية المزيفة

GMT 02:12 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

مي حريري تكشف تفاصيل نجاتها من واقعة احتراق شعرها

GMT 04:04 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الفيلم السعودي 300 كم ينافس في مهرجان طنجة الدولي

GMT 06:00 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار جديدة لاستخدام القوارير الزجاجية في ديكور منزلك

GMT 02:38 2017 الخميس ,26 كانون الثاني / يناير

زيادة طفيفة في التأييد العام للسيدة الأولى ميلانيا ترامب

GMT 14:00 2023 السبت ,25 آذار/ مارس

عائشة بن أحمد بإطلالات مميزة وأنيقة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib