سوريا الواقع والافتراض

سوريا الواقع والافتراض

المغرب اليوم -

سوريا الواقع والافتراض

طارق الحميد
بقلم - طارق الحميد

أحسن الرئيس أحمد الشرع في الخطوات التي اتخذها من أجل نزع فتيل أزمة خطرة، تهددت سوريا في بضعة أيام بشكل لافت ودراماتيكي، لأن مستصغر الشرر بأحداث الساحل وقفت خلفه رياح عاتية من التحريض والتضليل.

ولا يمكن الاستخفاف بالدم والقتل والأعمال الانتقامية، ولو وقعت بحق إنسان واحد، وليس مائة، أو مئات، فحقن الدماء مقدم على كل شيء، وأياً كانت الدماء سواء لمواطنين أو رجال أمن، كما أن نبذ الطائفية أمر واجب في الدولة، أي دولة.

نزع الرئيس الشرع فتيل الأزمة، واتخذ إجراءات مهمة فاقت تصور داعميه من السوريين، وهي إجراءات عقلانية لخَّصها بقوله إن المخطئ سيُحاسب ولو كان قريباً منه، وتوَّج جهوده تلك بحكمة نتج عنها إبرام اتفاق مع «قسد».

وهو ما يعني أن الشرع، وبكل حكمة، استعاد جغرافياً ثلث الدولة، وبتوقيت مهم، ورغم أن أصواتاً كثراً كانت تطالبه بمواجهة الأكراد، فإنه فضَّل الحكمة والمفاوضات. والإشكالية أن كل ذلك لا يعني أن سوريا قد تجنبت الأزمات.

والسبب أن هناك واقعاً بسوريا، وأن هناك عالماً افتراضياً يؤطر الأحداث فيها. والقصة ليست قصة وسائل التواصل، أو الإعلام، بل أكبر. فمنذ اندلاع أحداث الساحل السوري أجد سؤالاً واحداً على لسان كل مَن ألتقيه أو أتواصل معه.

والسؤال هو: «ما حقيقة ما يحدث بسوريا»؟ وعندما تشرح تأتي الإجابة أيضاً واحدة: «الآن فهمت». وهو سؤال السعودي، والسوري، واللبناني، والمصري، والغربيين. وقد يقول القارئ: ومَن يقول إنك تملك الإجابة الصحيحة؟

وهذا سؤال مهم، والسبب أن التضليل على سوريا كبير، وهو استمرار لما شهدناه من تضليل فيما عُرف زوراً بـ«الربيع العربي»، بل وتطور في آليات التضليل. فمنذ «الربيع العربي»، وبقيادة الرئيس الأميركي الأسبق أوباما، بدأ التضليل حول سوريا حين سمّاها «الحرب الأهلية».

ورغم أن السوريين لم يرفعوا السلاح، وإنما كانت مطالبهم مشروعة، إلى أن بدأ «القمع الأسدي»، ثم التدخل الإيراني و«حزب الله» وكذلك التدخل الروسي، وباقي القصة معروف. ومن حينها لم يتوقف التضليل تجاه سوريا.

واختلطت الأوراق عندما اعتقد البعض أن هناك «كتالوج» موحد للمنطقة، وكل ما له علاقة بالإسلام السياسي، والدليل أن أحداً لم يلحظ كيف صمت الإسلاميون حول التدخلات الإسرائيلية بسوريا، بينما هَبُّوا بقصة تهجير غزة!

وعليه، هناك واقع في سوريا اليوم يتم تجاهله، وهناك عالم افتراضي يتم تداوله، والأمثلة كثيرة، فرغم كل ما قدمت سوريا الجديدة من خطوات إيجابية، وفي ظرف 3 أشهر، فإننا نجد تشكيكاً ممنهجاً.

يخرج فلول الأسد بالسلاح، وبمساعدة من «حزب الله» وإيران، وبالأشكال كافة، ومنها الإعلامي، فتجد صوتاً عالياً يحدثك عن «مجزرة» و«طائفية»، وتنتشر الصور المزيفة بوسائل التواصل، وتنطلق المطالبات بتدخل خارجي.

ومطالبات بإطالة أمد العقوبات، وزيادتها، ومن أشخاص طالما أشغلونا بالمواطنة، واستعادة الدولة، ووقفنا معهم سابقاً، وتحديداً في العراق ولبنان، لكن اتضح أنهم ينطلقون من منطلقات طائفية، وتحت غطاء «حماية الأقلية».

وعليه، فخير ما يمكن فعله لسوريا اليوم هو دعمها، بحمايتها من تدخل بعض دول الجوار. وهذا يتطلب موقفاً حقيقياً من أصدقاء سوريا الجديدة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا الواقع والافتراض سوريا الواقع والافتراض



GMT 22:32 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

دوشة الطرابيش

GMT 22:19 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

تريليونات ترمب وفلسطين

GMT 22:18 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

شبكة الأردن... واصطياد السمك الإخواني

GMT 22:17 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

دولة فلسطينية مستقلة حجر الزاوية للسلام

GMT 22:15 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

تعريفات ترمب هزّت العالم وأضرّت أميركا!

GMT 22:14 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

قصة سوسن... ومآسي حرب السودان

GMT 22:13 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

المانيفستو السياسي للإدارة الأميركية

GMT 22:12 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

لبنان امتحان لسوريا… وسوريا امتحان للبنان

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:30 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

آسر ياسين يحل ضيفًا على عمرو الليثي في "واحد من الناس"

GMT 06:45 2022 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

سيرين عبد النور تتألق في فساتين مميزة وجذّابة

GMT 17:30 2022 الأربعاء ,14 أيلول / سبتمبر

تصاميم حديثة لأبواب المنزل الخشب الداخليّة

GMT 22:41 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

السعودية تعلن عن عدد الُحجاج موسم هذا العام

GMT 01:51 2021 الثلاثاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

تطوير روبوت يمكنه أن يفتح الأبواب بنفسه

GMT 23:24 2021 السبت ,16 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل استدعاء نورة فتحي للتحقيق في قضية غسيل الأموال

GMT 16:18 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

خبر صادم لأصحاب السيارات المستعملة في المغرب

GMT 21:29 2020 السبت ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أسباب الإقدام على تغيير زيت الفرامل باستمرار في السيارة

GMT 04:06 2020 السبت ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور منصف السلاوي يكشف عن موعد استخدام لقاح "فايزر"

GMT 18:11 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التفاصيل الكاملة لإلغاء حفل سعد لمجرد في مصر

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib