محطة الانتخابات البلدية في المغرب

محطة الانتخابات البلدية في المغرب

المغرب اليوم -

محطة الانتخابات البلدية في المغرب

محمد الأشهب

بمنطق دستوري لا تشكل انتخابات البلديات القادمة في المغرب أكثر من محطة لتفعيل مقتضيات إجرائية، وبمنطق سياسي تبدو أقرب إلى معارك ما قبل الحسم النهائي لترسيم دوائر الغالبية والمعارضة التي تنجم عن الاشتراعيات. غير أن المواجهات بين فصائل المعارضة ورئيس الحكومة عبد الإله بن كيران وصلت إلى درجة طلب تحكيم المؤسسة الملكية، حول تأويل تصريحات نسبت إليه، لجهة الإعلان عن تدخل العاهل المغربي الملك محمد السادس لإنقاذ حكومته، ما أثار إشكالات عدة.

الحرب السياسية والإعلامية بين المعارضة وزعيم «العدالة والتنمية» الإسلامي الذي يقود الحكومة لا تدور بين ائتلاف السلطة التنفيذية والتحالف المحتمل للمعارضة، مع أنه الأصل في المواجهات المفتوحة ضمن اللعبة الديموقراطية، بل تركز فقط على الحزب الإسلامي، بهدف عزله عن الإطار العام للصراع السياسي بين المعارضة والغالبية، وسواء كان ذلك جزءاً من حبكة استراتيجية لاستمالة شركائه في الائتلاف الحكومي، أو مجرد تمارين في دورات التصعيد، فالهدف يتجلى في نقل التجربة السياسية للحزب الإسلامي إلى الواجهة.

عندما اندلعت موجة الارتداد ضد حكم الإسلاميين في بلدان ما يعرف بالربيع العربي، خلد المغرب إلى صيغة تعايش أبعدته عن التأثر بردود الفعل المناوئة لاستئثار الاسلاميين. ساعده في ذلك أن «العدالة والتنمية» نأى بنفسه بعيداً عن اقتفاء أثر تلك التجارب التي آلت إلى الانهيار. بينما التزمت فصائل المعارضة مواقف عقلانية تفيد بأنها لا ترغب في إطاحة حكومة نصف الإسلاميين، وإنما تراهن على إنجاح التجربة.

واعتبرت هذه المواقف نزوعاً نحو تغليب فكرة التعايش السياسي، وإن عمدت أحزاب ونقابات ومكونات في المجتمع المدني إلى استخدام التظاهرات السياسية السلمية لرفع شعارات مناهضة لحكومة عبد الإله بن كيران. ولم يتطور الأمر إلى مستوى طلب حجب الثقة عنها، ليس لكونها تتوافر على غالبية داعمة، ولكن لأن البديل الموضوعي لهذا المسار يتوقف أمام تفكيك التحالف الحكومي. وكان لافتاً أنه على رغم انسحاب الاستقلال، القوة السياسية الثانية بعد الإسلاميين، أفسح انضمام تجمع الأحرار المجال أمام إنقاذ التجربة الحكومية، مع أنه كان أقرب إلى المعارضة، ويكفي أن ينضم إليها لحيازة وضع نيابي يسرع إطاحة الحكومة.

شيء من هذا القبيل لم يكن ليحدث لولا أن هناك قناعة لناحية ترك التجربة السياسية تستنفد مهامها، وهي بالنسبة لمؤيديها ومعارضيها على حد سواء أفلحت في التقليل من مضاعفات احتقان الشارع، على رغم التزام الحكومة قرارات صعبة طالت ظروف معيشة السكان. ولم يكن أهونها رفع أسعار المواد النفطية ومشتقاتها، والاتجاه تدريجاً نحو إلغاء خطة دعم الدولة المواد الاستهلاكية الأساسية، عبر استبدالها بتقديم مساعدات للفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود.

بيد أن نقل المعركة من قبل أحزاب المعارضة من الشارع إلى فضاء الحوار السياسي، عبر طلب تحكيم المؤسسة الملكية، وفي نطاق معاودة النظر في القوانين التنظيمية للاقتراع الانتخابي القادم، كي تنطبع بروح الوفاق، يشير إلى تطور نوعي في منهجية الرهان السياسي، أقله اعتبار الاستحقاقات الديموقراطية فرصة مواتية في صراع كسر العظام، بخاصة أن حضور «العدالة والتنمية» في الانتخابات المحلية السابقة كان أقل منه عن الاشتراعيات. وربما أن عزم إقرار نظام حكم محلي متقدم، في سياق ما يعرف بـ «الجهوية الموسعة» كان وراء تصعيد أشكال المواجهة.

سيفضي النظام الجهوي الذي أقره دستور صيف العام 2011 إلى تشكيل «جهات»، أي أقاليم موسعة بصلاحيات جد متقدمة في تدبير الشؤون المحلية، ما يخفف الأعباء عن السطلة المركزية، ويفسح المجال أمام تجربة ناشئة على غرار أنماط الحكم المحلي في إسبانيا وألمانيا وإيطاليا، مع فارق أقل في الصلاحيات، وبالتالي انتقلت حدة المنافسات السياسية التي كانت تطبع الاستحقاقات الاشتراعية إلى النطاق المحلي، ما يفسر الوتيرة المرتفعة للمطالب، لكن الحزب الإسلامي يتجه إلى الدعوة لإبرام ميثاق سياسي جديد، يطاول نزاهة وحياد وشفافية المحطة الانتخابية. ولن يكون في إمكان المعارضة أن تتبرم من الانخراط في هكذا ميثاق، لكنها قد تفضل وضع شروط لتأمين الاستشارة الشعبية القادمة.

السؤال: هل المشكلة في تأمين نزاهة الانتخابات أم في ارتضاء السير في اتجاه لا يبدو أنه سيكون مختلفا كثيراً عما تعرفه التجربة الراهنة، وإن كان من السابق لأوانه استقراء فنجان الرابع من أيلول (سبتمبر) القادم؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محطة الانتخابات البلدية في المغرب محطة الانتخابات البلدية في المغرب



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 00:22 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود
المغرب اليوم - بوتين يؤكد صاروخ بوريفيستنيك يضمن أمن روسيا لعقود

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 21:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة
المغرب اليوم - تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib