جديد الخطاب قديم

جديد الخطاب... قديم

المغرب اليوم -

جديد الخطاب قديم

عريب الرنتاوي

لترويج المسبق لخطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي ألقاه الأربعاء الفائت، ووصفه بـ “الهام” أو “الهام جداً”، أحدث أثراً معاكساً لما توخته “المقاطعة” ... بعد الخطاب، عرفنا أن الرئيس بصحة جيدة، في إعقاب مسلسل من “الشائعات” عن حالته الصحية ... لكن الخطاب بمجمله، لم يكن له وقعٌ حسن على أسماع كثرة كاثرة من السياسيين والمحللين الفلسطينيين والمهتمين بالقضية الفلسطينية... الذين ارتفعت سقوف توقعاتهم وتنوعت رهاناتهم، فإذا بهم أمام “مجرد خطاب آخر”، لا أكثر ولا أقل. 
من جهة أولى، أعاد الرئيس طرح كثيرٍ من أفكاره القديمة التي عرفها الرأي العام الفلسطيني وخبرها، ولم يحصد بنتيجتها الشيء الكثير، حتى لا نقول “سوى الخيبات” .... ومن جهة ثانية، تحاشى الرئيس الإجابة على الأسئلة التي تشغل أذهان الفلسطينيين، رأياً عاماً ونخباً سياسية، وهي على العموم أسئلة المستقبل: السلطة، الرئاسة، الانتفاضة، المصالحة، العلاقة مع إسرائيل وفقاً لقرارات المجلس المركزي للمنظمة، وغيرها من عناوين ... ومن جهة ثالثة، “سرّب” الرئيس في خطابه، مواقف جديدة، عُدّت من قبل كثيرين، بمثابة تراجع عن “آخر المواقف” التي لوّح فيها بـ “تسليم مفاتيح السلطة لنتنياهو”... جديد المواقف، تجلى في العودة إلى قديمها باعتبار السلطة “إنجازاً وطنياً” يتعين الاستمساك به بالأسنان والنواجذ، بعد أن كانت “سلطة لا سلطة لها”، معروضة “للتصفية في المزاد العلني”، إن لم يسارع المجتمع الدولي إلى مساعدة الفلسطينيين على تحويلها إلى “دولة”.
انتظر الفلسطينيون أن يعرض عليهم رئيسهم، ملامح خريطة طريق، متعددة المسارات، للمستقبل... أولها، وأكثرها إلحاحية، المسار التنظيمي – الداخلي، المتصل بترتيب البيت الفلسطيني، وتحديداً كان الفلسطينيون ينتظرون أن يقدم لهم رئيسهم “رسماً توضيحياً” عن آليات انتقال القيادة وتجديدها، فالرجل دلف عامه الحادي والثمانين، ومن حق شعبه عليه، أن يطمئنه على سلاسة الانتقال و”البدائل” و”آليات نقل السلطة”، سيما وأن هذا الملف، ينطوي على كثيرٍ من التعقيدات المحلية في ضوء تعدد الرؤوس والطامعين والمتطلعين من جهة، ومع وجود أطراف إقليمية تتحين الفرصة للولوج إلى الساحة الفلسطينية من أوسع بواباتها: بوابة “ما بعد عباس”. 
الرئيس لم يفعل ذلك، ربما لأنه مثلنا جميعاً، يحسب “أن ماله أخلده” ... وربما لأنه، لا يعتقد أن مسألة الخلافة وانتقال السلطة وترتيباتها، أمور تهم أحداً غيره ... وربما لأنه لا خالي الوفاض من أي تصور على هذا الصعيد، ويميل لإرجاء الملف و”توريثه” مفتوحاً عندما تحين لحظة الحق والحقيقة ... لا ندري، المهم أن الرئيس ترك أهم سؤال يدور في أذهان شعبه ونخبه، بلا جواب... وها نحن مرة أخرى، نجدها مناسبة لمناشدة الرئيس العمل على إنجاز هذه المهمة، وفي أسرع وقت ممكن، حتى لا يبقى باب الخلافة والوراثة مفتوحاً لكل شياطين التدخلات الخارجية المتربصة، بل ونعيد التأكيد من جديد، بأن الشعب الفلسطيني، لم يعد ينتظر من الرئيس عباس “عودة” أو “دولة” أو “عاصمة”، فتلك مهام ستظل مطروحة على جدول اعمال خلفه، كل ما هو مطلوب الآن من الرئيس، فيما تبقى له من ولاية، هو إحكام سد الشقوق والثغرات في البيت الفلسطيني الداخلي، حتى لا تتحول الحركة الوطنية الفلسطينية، إلى نسخة غير مزيدة وغير منقحة، عن المعارضات السورية، الموزعة بين إسطنبول والدوحة وأبو ظبي والرياض والقاهرة وموسكو وباريس وحتى كازخستان. 
والرئيس لم يخبر شعبه بالكيفية التي سيحيل بها “السلطة/ الإنجاز” إلى “دولة مستقلة وعاصمتها القدس” ... والأرجح أن الأمر لم يشغل تفكيره أو تفكير معاونيه كثيراً، فهم يعرفون أن الأمر لا يزيد عن كونه “مطاردة خيط دخان” ... لكنه في المقابل، بدا حازماً عند التعبير عن استمساكه بالسلطة، السلطة التي ستصبح دولة، قاطعاً الطريق على قرارات المجلس المركزي، ومطالبات أوسع شرائح الشعب الفلسطيني بوقف التنسيق الأمني وإعادة “مَوْضعة” السلطة وتعريف دورها ومكانتها ... لقد عاد بالجدل الوطني الفلسطيني إلى المربع الأول، ولكأن الشعب الفلسطيني لم يقدم 150 شهيداً في مائة يوم من انتفاضة الحجارة والسكاكين، التي تجاهلها الرئيس، ولم يتقدم برؤية لها أو حولها، لكأنها تجري في بلد آخر. 
لنكتشف بعد الانتهاء من قراءة الخطاب، أنه لم يكن “هاماً” بخلاف ما حملات التوطئة والترويج المبكرة ... وأن الرئيس يقترح علينا “المزيد من الشيء ذاته” ... وأن الأيام، ستتعاقب بعد الخطاب، كما تتالت من قبله ... وسيمضي الرئيس وصحبه إلى يومياتهم المعتادة، فيما سيظل القلق مستوطناً قلوب الفلسطينيين وعقولهم، أما المجهول ففي انتظارهم. 
يبدو أن “فراغ القيادة” قد داهم الفلسطينيين مبكراً، من دون انتظار مرحلة “ما بعد عباس” التي كثر الحديث عنها وبشأنها في الأيام الأخيرة، كما لم يحصل من قبل أبداً. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جديد الخطاب قديم جديد الخطاب قديم



GMT 10:14 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«أوراقي 9».. محمود الشريف الدور 9 شقة 4!

GMT 10:11 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات دمشق

GMT 10:10 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الشرع من موسكو إلى واشنطن

GMT 10:09 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أما آن للمغرب العربي أن يتعافى؟

GMT 10:08 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الجهل قوّة يا سِتّ إليزابيث

GMT 10:07 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية: هل سيشكر ترمب ممداني؟

GMT 10:05 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

«حزب الله» في بيانين

GMT 10:04 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس كَمَنْ سمع

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 19:22 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران
المغرب اليوم - بزشكيان يُحذر من تقنين وشيك للمياه في العاصمة طهران

GMT 23:50 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية
المغرب اليوم - إدارة ترمب تعهدت بإغلاق محطة إذاعية أمريكية ناطقة بالمجرية

GMT 23:02 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج
المغرب اليوم - واشنطن تدعم عراق خالٍ من الميليشيات المدعومة من الخارج

GMT 01:37 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب
المغرب اليوم - فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب

GMT 10:37 2012 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سوتشي مدينة التزلج الأولى في روسيا تستضيف أوليمبياد 2014

GMT 14:25 2020 الجمعة ,12 حزيران / يونيو

انهيار برج ضخم في مصافي حيفا

GMT 10:35 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف أن الهواتف الذكية تجعل المراهقين غير ناضجين

GMT 06:57 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

السودان تحذر من فيضانات على ضفتي النيل الأزرق والدندر

GMT 05:52 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

الخبيرة منى أحمد تُبيِّن مدى قبول كلّ برج للاعتذار

GMT 05:30 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

CGI wizardry تعيد الحضارات القديمة وتجسدها للزوار
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib