المقاومة بالتهدئة والتطبيع نوعان

المقاومة بالتهدئة والتطبيع نوعان؟!

المغرب اليوم -

المقاومة بالتهدئة والتطبيع نوعان

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

زفّت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لشعبها الفلسطيني، أهل غزة بخاصة، بشائر الاتفاق على "التهدئة" في القطاع، نظير تخفيف الحصار وتدشين مشاريع وضخ المزيد من الطاقة والمحروقات، وزيادة المنحة القطرية...حماس شكرت الوسيط القطري الذي لعب دوراً حاسماً بينها وبين إسرائيل، لتجديد الاتفاق القديم، أو للوصول إلى اتفاق جديد (لا فرق طالما أن المضمون واحد).
 
تختتم التهدئة الجديدة، أسبوعين أو أزيد، من المناوشات الخشنة على حدود القطاع المحاصر...بالونات حارقة من جهة وغارات جوية وقذائف مدفعية من جهة ثانية...كان واضحاً، أن نهاية هذه المناوشات ستكون التهدئة، وفقاً للقواعد ذاتها، التي طالما عمدت إسرائيل إلى نقضها واختراقها، فما من أحد من الأطراف، يرغب في الانزلاق لمواجهة واسعة أو التورط في حرب جديدة.
 
لا ندري كم من الوقت سيمضي قبل أن تنهار التهدئة الجديدة، وتواجه مصير ما سبقها من تهدئات...من الواضح تماماً أن إسرائيل شديدة الارتياح لإبقاء مليوني فلسطيني بين حدي الفقر واليأس...ولا شك أن حماس، تبذل فوق طاقتها، لإطالة أمد الـ”de facto” في القطاع...ولا أظن أن أياً من الطرفين يمانع في مواصلة لعبة "تهدئة – تصعيد – تهدئة" لسنوات عديدة قادمة، طالما أن هناك وسيطاً سيهرع في اللحظة الأخيرة قبل الانزلاق من حافة الهاوية إلى قعرها، وطالما أن هناك من هو مستعد لتمويل التهدئة ومقتضياتها.
 
مع أننا استمعنا خلال الأسابيع والأشهر القليلة الفائتة، حيث تواترت أنباء "صفقة القرن" و"مشاريع الضم" و"تفشي التطبيع"، لخطاب فلسطيني (حمساوي بخاصة)، محمّل بوعيد إطلاق المقاومة والتهديد بتصعيدها، حتى دحر المؤامرة...سمعنا خطابات "رنّانة" تشدد خواتيمها على "خيار الكفاح المسلح" بوصفه في طليعة الخيارات الفلسطينية المُقاومة، فإذا بنا نحصل على اتفاق تهدئة جديد، وإذا بهذا الاتفاق يُعد منجزاً وانتصاراً، يستحق أن يكون بُشرى تزف، وإنجاز يُشكر عليه الوسطاء.
 
يعيدنا اتفاق التهدئة الجديد، إلى سؤال طرحناه قبل عدة أيام، ووضعناه في عنوان مقالة لنا: كيف انتقلت المقاومة من المبادأة والاستنزاف إلى الدفاع والردع؟ ...لنشتق منه أسئلة كثيرة حول الحاجة للنزول عن قمم أشجار "الشعارات الكبرى"، والتوافق وطنياً على أشكال محددة للنضال، تستنزف الاحتلال بشرط أن يقوى الشعب الفلسطيني على احتمال عواقبها ودفع كلفها، أشكال مقاومة يومية مستمرة، لا "مقاومة موسمية" تتصاعد لعدة أيام قبل أن تخفت لأشهر وسنوات.
 
قبل أيام كنت أستمع لأحد الناطقين باسم الإخوة في حماس يهدد بفرض حصار على ملايين الإسرائيليين إن لم ترفع إسرائيل الحصار عن غزة، بل وإلزامهم الملاجئ تحت وابل من صواريخ المقاومة...إن كنتم قادرون على فعل ذلك، فما حاجتنا للتهدئة، ولماذا لا نذهب مباشرة إلى هذا الخيار؟ ...يذكرنا ذلك بتصريحات لمقاومين إيرانيين ولبنانيين وعراقيين، بأن الحرب المقبلة مع إسرائيل ستكون آخر حروبها، لينزلق السؤال مباشرة من الحلق إلى طرف اللسان: وماذا تنتظرون؟ فلنفعلها مرة واحدة، فنريح ونستريح.
 
قبل أيام، كنت أستمع لخطابات نارية لقادة حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية حول "مقاومة التطبيع" و"التطبيع خيانة"، قبل أن نكتشف أن هناك "تطبيع شرعي" يستحق أصحابه الشكر والثناء، و"تطبيع حرام" يستحق القائمون به الإدانة والهجاء، وربما يخرج علينا غداً من يشتق لنا شعار "التطبيع المُقاوم" إن لزم الأمر...أيها السادة الأفاضل: احترموا عقولنا.
 
في ظني أن الأوان قد حان، لفرض ضرائب باهظة جداً على التهديدات المجانية والشعارات الجوفاء والكلام الذي ينطلق على عواهنه...آن الأوان لمخاطبة العقل الفلسطيني بدل الاكتفاء باستثارة غرائز بعض الفتية والشبان...آن الأوان، للتفكير بعقل هادئ والعمل بإرادة وثّابة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المقاومة بالتهدئة والتطبيع نوعان المقاومة بالتهدئة والتطبيع نوعان



GMT 10:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

‏مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:45 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:42 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 13:17 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة
المغرب اليوم - الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون

GMT 15:10 2013 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

ما صدر في قضية بورسعيد قرار والحكم 9 مارس
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib