صيف ساخن آخر ينتظر المنطقة

صيف ساخن آخر ينتظر المنطقة

المغرب اليوم -

صيف ساخن آخر ينتظر المنطقة

عريب الرنتاوي


لا يبدو أن أي من أزمات المنطقة المتزامنة والمتوازية، في طريقها للحل السياسي أو حتى للحسم العسكري، ما يُبقي الإقليم برمته، بانتظار صيف ساخن آخر ... وحدها أزمة البرنامج النووي الإيراني قد تجد طريقها للحل والتسوية، ولكن من دون انعكاسات فورية ومباشرة مرجحة على بقية أزمات المنطقة. سوريا، أم هذه الأزمات، تكاد تعود للمربع الأول ... ميدانياً عادت “لغة الحسم” لتحل محل لغة التسويات ... المعارضة وداعموها يعيشون نشوة انتصار الجنوب والشمال الغربي ... معارك طاحنة وشيكة في سهل الغاب والقلمون والغوطة الشرقية امتداداً للشمال الغربي ... سياسياً، عاد الحديث بصورة غير مسبوقة عن “إسقاط الأسد” كشرط للحل أو هدف لأي تسوية، بعد أن انسحب هذا الشعار من التداول لصالح أحاديث رسمية وشبه رسمية عن “الأسد بوصفه جزء من الحل” ... والمؤكد أن تداعيات “عاصفة الحزم” على سوريا، ستكون ثقيلة للغاية بدلالة البيان للقمة الخليجية التشاورية. العراق، يعيش شبح التقسيم، وخطة جو بايدن تهيمن على المناخات السياسية للمسؤولين والمكونات العراقية المختلفة ... بارازني في واشنطن في محاولة لاقتناص اللحظة والترويج للدولة الكردية المستقلة ... العرب السنة، الذي يعيشون أزمة هوية وتمثيل وقيادة، رأوا في مداولات الكونغرس ما يداعب الخيال، فتقسيم العراق لم يعد السيناريو الأسوأ بالنسبة إلى جزء كبير منهم ... كل الخطط والمشاريع التي جرى تداولها لإعادة التوازن إلى العملية السياسية والنظام السياسي العراقي، لم تحرز أي تقدم، في الوقت الذي تواجه فيه قوات الحكومة وحلفاؤها من ميليشيات شيعية وعشائر سنيّة، مصاعب جمّة في لجم اندفاعة داعش أو وقف تمددها ... كل المؤشرات في الفضاء العراقي، تدعو للاعتقاد بأن صيف ما بين النهرين، سيكون ملتهباً، لا على خلفية “التغيير المناخي” فحسب، بل على وقع المعارك الضارية التي ستشهدها كافة جبهات المواجهة مع داعش. وصولاً إلى اليمن، وبعد مرور ستة أسابيع على “عاصفة الحزم”، حيث آلة القتل اليومي لم تتوقف، والطيران السعودي يواصل صب حممه على المنشآت والبنى التحتية والمطارات ومؤسسات الدولة ومراكز الجيش ومواقع الحوثيين ... الكارثة الإنسانية تبلغ ذروتها في بلد كان يعيش بعضاً من فصولها قبل الحرب، لتبلغ المأساة ذروتها الدرامية في الحصار البري والبحري والجوي غير المسبوق ... لا أفق لحل سياسي بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2216، ولا بمقتضى دعوة هادي للحوار في الرياض في السابع عشر من الجاري، وسط تقدير بأن الحرب في اليمن وعليه، ستستمر لفترة طويلة قادمة، ربما بانتظار إنشاء “ملاذات آمنة” أو تقسيم البلاد، على قاعدة “ما يؤخذ كله لا يترك جله” التي يبدو أن دول التحالف تعمل بموجبها. لبنان سيدخل العام المقبل، على الأرجح، من دون رئيس، وعلى وقع أزمات أمنية متنقلة، وفي ظل بقاء سيوف الخطر والتهديد مشرعة في وجوه أبنائه وبناته، إن بسبب الخلايا النائمة التي لا تكف الأجهزة عن اكتشاف المزيد منها، أو بفعل التهديد الرابض على الحدود، أو جراء الانقسام الأعمق والأخطر الذي لا يبدو بحاجة لأكثر من عود ثقاب لكي يشتعل حريق المواجهات المذهبية والسياسية والطائفية ... وإذا كان هذا البلد الصغير قد نجا نسبياً حتى الآن، بفعل “شبكة الأمان” الإقليمية الدولية التي توفر عليها، فليس من المؤكد أن يستمر الحال على حاله، خصوصاً إذا ما تفاقمت الأزمة وبلغ الصراع نقطة “اللا-عودة” او لحظة تكسير العظام. على المسار الفلسطيني، لا تختلف الصورة ... نتنياهو يسعى في نسج شبكة الائتلاف الحكومي من قماشة اليمين المتطرف الديني والقومي، وبصورة تحكم إغلاق فرص تجسيد “حل الدولتين”، والمبادرات الخجولة التي يجري تداولها في أورقة الأمم المتحدة، ليست سوى نوع من ذر الرماد في العيون الرمدة بفعل الصراعات الإقليمية المحتدمة ... أما ملف المصالحة الفلسطينية الداخلية فيتحرك على إيقاع حرب الطوائف والمحاور في المنطقة ... فتح لا تريد أن تخسر الورقة المصرية، وهي منزعجة بلا شك من دخول الرياض على خط المصالحة، وربما من بوابة حماس ... حماس التي استيقظت فجأة على إلحاحية المصالحة تريدها للخروج من شرنقة العزلة ولشق طريق التفافي حول القاهرة، وللعودة (هي والجماعة الأم) إلى حضن الرعاية العربية السنية، حتى وإن اقتضى الأمر هدنة طويلة الأمد وتعليق مشروع المقاومة بل ودولة الحدود المؤقتة في قطاع غزة. لن نتوسع في الحديث عن ليبيا، فأرقام الضحايا في مياه البحر المتوسط تكفي لإعطاء صورة عن مالات هذا البلد، وتصريحات الموفد الأممي تفيض بالتشاؤم من فرص الوصول إلى حل، وجولة سريعة في أسماء وعناوين القوى المحتربة، تشي بأن هذه البلاد قد ودّعت الاستقرار والتنمية والوحدة والاستقلال والسيادة، حتى إشعار آخر، وان شرارات أزمتها المتفاقمة ستظل تتطاير إلى دول الجوار القريب والبعيد، حتى إشعار آخر. ليست حروب الوكالة ولا الدور المتصاعد للاعبين “اللادولاتيين” هو ما يهدد المنطقة فحسب ... المنطقة تقترب من الصراع الإقليمي المباشر ... إيران لا تكف عن حشد الحرس والمتطوعين الإيرانيين على أكثر من جبهة، والسعودية غادرت مربع التردد والتحفظ، للدخول مباشرة في دهاليز الصراع اليمني، واحتمالات المواجهة الإقليمية المباشرة، لم تعد مستبعدة كما كان عليه الحال قبل أسابيع معدودات ... في ظل حماسة غربية منقطعة النظير للعسكرة وتشجيع سباقات التسلح، وإبرام الصفقات المليارية مع العديد من هذه الدول، باعتبار ذلك الطريق الأقصر لإعادة تدوير “البترودولارات” واستردادها من الدول المصدرة للنفط لإيداعها في بنوك الدول المصدرة للسلاح. هو إذاً، صيف ساخن جداً بانتظارنا ... هي إذاً، الأيام الأصعب ما زالت أمامنا ... كان الله في عوننا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صيف ساخن آخر ينتظر المنطقة صيف ساخن آخر ينتظر المنطقة



GMT 21:06 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

آخر الرحابنة

GMT 21:04 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حلّ الدولتين... زخمٌ لن يتوقّف

GMT 21:03 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

«تامر يَجُرّ شَكَل عمرو!»

GMT 21:01 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

رياح يوليو 1952

GMT 20:59 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

لا يجوز في الساحل ولا يليق

GMT 20:58 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

الوزير الخائن دمر الفسطاط (1)

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حرب المساعدات

GMT 11:10 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حديث الصيف: أيام العرب في الجاهلية

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 19:34 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة
المغرب اليوم - فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة

GMT 17:16 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 16:39 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 16:18 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 19:12 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس والشعور

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib