قديستان من فلسطين

قديستان من فلسطين

المغرب اليوم -

قديستان من فلسطين

عريب الرنتاوي


في السابع عشر من الشهر الجاري، ستحتفل الكنيسة الكاثوليكية في العالم بتصعيد راهبتين فلسطينيتين إلى مرتبة «القديسين»، وسيشرف البابا فرنسيس الأول على مراسم الاحتفال الضخم الذي ستشخص إليه أفئدة وأنظار أكثر من مليار مؤمن كاثوليكي في العالم، وسط حضور كثيف لممثلي الكنائس في فلسطين ولبنان وسائر المشرق، ووسط حضور سياسي وإعلامي كثيف، وتغطية ستشمل مئات الصحف والمواقع والقنوات في العالم... إنه يوم فلسطين في الفاتيكان روحياً، أنه يومها في روما سياسياً، وسيرتفع علمان لفلسطين على نحو متزامن، الأول في ساحة القديس بطرس في عاصمة الكاثوليكية والثاني في العاصمة الإيطالية، الأول تمجيداً للقداسة والثاني إيذانا بافتتاح السفارة الفلسطينية في روما. الراهبة مريم يسوع المصلوب من رهبنة الكرمل المولودة في عبلين في فلسطين عام 1846 والمتوفاة في بيت لحم عام 1878، والراهبة ماري غطاس، من مؤسسة رهبنة الوردية في القدس والمولودة فيها في العام 1843 والمتوفاة فيها أيضا عام 1927، عاشتا حياة إنسانية ومسيحية مثالية، وكانتا مثالا في التعبد لله وفي محبتهنّ لجميع خلائقه، هكذا تقول أدبيات الكنيسة. هي جرعة دعم استثنائية لفلسطين وشعبها السائر على درب الجلجلة منذ مائة عام أو يزيد، في سعيه لنيل حريته واستقلاله وخلاصه من نير العبودية والعنصرية واللجوء والإلغاء... هي جرعة دعم لمسيحيي فلسطين بخاصة، ومسيحيي المنطقة بعامة، الذين يواجهون واحدة من أصعب مراحل تاريخهم في هذه المنطقة، بعد عمليات الاستهداف والحرق والتهجير والاعتداء على الأنفس والأموال ودور العبادة والحرمات... هي رسالة دعم وإسناد لهم في كفاحهم من أجل الصمود والبقاء على أرض الآباء والأجداد القديسين والقديسات، أرض المسيح عليه السلام، وموطن رسالته الأول. صورة الفلسطيني «الإرهابي» التي حاولت إسرائيل زرعها في أذهان العالم، ستحل محلها صورة «الفلسطيني القديس»، وحدهم قتلة الأنبياء والرسل سيشعرون بالخزي، وهم يتابعون طقوس الترسيم ومراسمه المهيبة... ومن حق الفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين، مؤمنين وغير مؤمنين، أن يغمرهم الشعور بالفخر، فالمناسبة «وطنية» بامتياز، حتى وإن تظللت بعباءة المقدس الديني... وهي تظاهرة دعم واعتراف بفضل الفلسطيني وإسهامه في إثراء الحياة الروحية للبشرية، استثنائية بحق، وتستحق أن تلقى الاهتمام الذي يليق بها. ماري بواردي، ولدت في 5 كانون الثاني 1846 في قرية عبلين من أعمال الجليل والدها جريس بواردي وأمها مريم شاهين، من عائلة مسيحية فقيرة. توفي جميع إخوانها وهم أطفال، وفقدت والديها وهي في الثانية من عمرها، لتنتقل إلى كنف عمها، ولتبدأ مشوارها الخاص مع المعاناة وشظف العيش، قبل أن تلتحق في العام 1860 براهبات مار يوسف، ثم لتنضم الى الكرمليّات متخذة اسم «مريم يسوع المصلوب»، لتبني بعد ذلك «دير الكرمل» في بيت لحم عام 1875، وليقول عنها قداسة البابا يوحنا بولس الثاني: «راهبةٌ كرملية، وُلِدَت على الأرضِ التي شهدَتْ حياةَ يسوع في الناصرة، الأرضِ التي ما زالَتْ، حتى أيامِنا هذه، سببَ همومٍ كبيرةٍ لنا ومركزَ نزاعاتٍ أليمة، إنّ خادمةَ المسيحِ المتواضعة، مريم يسوع المصلوب، تنتمي من حيث العِرق والطقس والدعوة وتنقّلاتها الكثيرة إلى شعوبِ الشرق، وهي اليوم ممثِّلةٌ لهم. ماري غطاس، فتاة عربية فلسطينية، ولدت في مدينة القدس باسم سلطانة عام 1843 من عائلة مسيحية فلسطينية انخرطت في سلك الرهبانية عام 1860، أسست «أخوية الحبل بلا دنس» و»أخوية الأمهات المسيحية، قبل أن تنجح في تأسيس «رهبانية الوردية المقدسة» عام 1883 برفقة ثمانية فتيات أخريات من مدينة القدس، التي تنتشر كنائسها ومدارسها وجمعياتها في كثير من مدن فلسطين وعدد واسع من دول المنطقة، وتشتمل بخدماتها التعليمية، المسلمين والمسيحيين على حد سواء. على هذه الأرض ما يستحق الحياة والقداس معاً، وفلسطين وطن الأنبياء والرسالات، ستظل «ولّادة» مهما تعاقبت محاولات إجهاضها وطمسها... طوبى للقديستين اللتين رفعتا في مماتهما راية فلسطين عالياً... وطوبى لكل قديس فلسطيني يعمل لتثبيت أهل فلسطين على أرضها، وتقريب ساعة الفرج والخلاص من رجس الاحتلال ودنس الاستيطان وذل اللجوء والتشرد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قديستان من فلسطين قديستان من فلسطين



GMT 21:06 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

آخر الرحابنة

GMT 21:04 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حلّ الدولتين... زخمٌ لن يتوقّف

GMT 21:03 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

«تامر يَجُرّ شَكَل عمرو!»

GMT 21:01 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

رياح يوليو 1952

GMT 20:59 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

لا يجوز في الساحل ولا يليق

GMT 20:58 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

الوزير الخائن دمر الفسطاط (1)

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حرب المساعدات

GMT 11:10 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حديث الصيف: أيام العرب في الجاهلية

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 19:34 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة
المغرب اليوم - فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة

GMT 17:16 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 16:39 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 16:18 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 19:12 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تبدو مرهف الحس والشعور

GMT 08:13 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:51 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib