عمرو دياب «الترمومتر»

عمرو دياب... «الترمومتر»

المغرب اليوم -

عمرو دياب «الترمومتر»

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

هناك قدر كبير من الحساسية عندما نتحدث عن هذا الجيل، خصوصاً لو كانت هناك جملة تربط بين الماضي والحاضر. نرتاح أكثر عندما نذكر أساطير الماضي باعتبارهم مستحيلات غير قابلة للتكرار.

قطعاً عبد الحليم حافظ مِن الذين أصبحوا مع الزمن «ترمومتر» النجاح، ولا يزال العندليب يلعب هذا الدور، إلا أنه بعد مضي كل هذه السنوات، على رحيله، التي تقترب من نصف قرن، بزغت نجومية فنان آخر، بحكم تراكم عقود زمنية من الحضور الجماهيري الطاغي، دفعت به إلى المكانة ذاتها. الفنان يبدأ عادة المشوار وفقاً لمعادلة مُعَدّة سلفاً: مَن يحقق استثناء، هو فقط الذي ينجح أن يصبح هو صاحب المعادلة.

هكذا عبد الحليم منذ منتصف الخمسينات، وحتى رحيله نهاية السبعينات، نحو 22 عاماً كان يملك وصفة النجاح، يعيش 24 ساعة في اليوم لا يفكر سوى فيما سيقدمه للجمهور.

المقياس الرقمي يظل له حضوره الطاغي؛ رحل عبد الحليم عام 1977، وهو في القمة الفنية والرقمية، وبعد أقل من 10 سنوات، بدأ عمرو دياب. كان دائماً يلاحقه هذا السؤال: أين أنت من «العندليب»؟

قرَّر عمرو أن يصبح فقط عمرو، وبدأ كالآخرين يطبق المعادلة السائدة داخل السوق، ثم انتفض مُحدِثاً الفارق، صار هو واضع شروط اللعبة الغنائية، التي تشبه فقط عمرو؛ سواء أنتج لنفسه أو اتجه لشركات أخرى؛ فهو صاحب الكلمة النهائية في كل التفاصيل.

تقريباً كل المطربين الذين بدأوا الرحلة في سنوات متقاربة مع عمرو، ستكتشف أن كلاً منهم قدم ابنه للساحة الغنائية، مثل علي الحجار ومحمد الحلو ومدحت صالح؛ أبناؤهم حقاً ورثوا عنهم جمال الصوت.

السؤال: هل تحققوا كمطربين؟ الإجابة: لا يزالون في الذاكرة باعتبارهم أبناء هؤلاء المطربين الكبار. عندما قرر عمرو تقديم ابنته جانا وابنه عبد الله، عرف كيف يخاطب الجمهور، ووضعهما بثبات على بداية الطريق. قدمهما كحالة خاصة، نرى من خلالهما نبض الزمن، وحتى اللكنة غير المصرية بفعل الدراسة والنشأة خارج الوطن تم توظيفها بذكاء، لتصبح أحد عوامل القوة والتميز، بدلاً من أن يُنظَر إليها كعنصر ضعف وقصور.

عمرو في رهانه على الكلمة والنغمة لديه قدرة على التقاط الإحساس والتعبير العصري الذي يخاطب به جمهور هذا الزمن. تتسع الدائرة وتصل إلى جيل الآباء، الذين بدأوا مسيرتهم في الحياة، وكان عمرو هو العنوان.

لم ولن يدخل عمرو معركة خارج رقعة الفن. وإذا حاولوا توريطه، يسارع إلى الابتعاد. لن يبدد طاقته في منازعات صفرية استهلكت طاقة عدد كبير من الفنانين في كل المجالات.

الفنان يجب أن يظل هو النموذج والأيقونة التي يتمثلها الشباب. مفتاح «الشيفرة» الانضباط الصارم الذي يطبقه عمرو، وعلى كل المستويات؛ مثلاً ساعات «الجيم» في جدوله اليومي لا يمكن تأجيلها. الأعذار ممنوعة. جسد المطرب جزء رئيسي جداً في مخاطبة الجمهور.

وهكذا يظل نموذجياً في كل شيء: لياقته البدنية تتيح له ببساطة أن يقدم «الشو» الذي يسرق العين. يتعامل مع كل أجيال الشعراء والملحنين. الفيصل هو الأجمل، وهكذا رأيته في شريطه الأخير «ابتدينا». دائماً ستلمح فيه سحرَ وبكارةَ وعفوية البداية، وفي اللحظة ذاتها سترى نضوج الزمن. إنها حالة واحدة، مثل حبات المسبحة، لا تستطيع أن تقول ما هي الأولى أو الأخيرة.

الزمن وبقاؤه في مكانة استثنائية كل هذه العقود الزمنية، التي تجاوزت 30 عاماً، يضعانه في مكانة «الهضبة» قولاً وفعلاً. إنه ببساطة صانع المعادلة. إنه «الترمومتر».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عمرو دياب «الترمومتر» عمرو دياب «الترمومتر»



GMT 11:10 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حديث الصيف: أيام العرب في الجاهلية

GMT 11:09 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

إسرائيل والغضب العالمي

GMT 11:08 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

إسرائيل وسؤال هُوية اليهود!

GMT 16:03 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

مائة عام على كتاب هتلر: «كفاحي»

GMT 16:02 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

سمومُ موازينِ القوى

GMT 15:57 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

بين الرياض والقاهرة... عَمار

GMT 15:55 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

هل قُتل شيمون بيريز في غزة؟

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 11:26 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

محطات وشخصيات صنعت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"

GMT 18:53 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:13 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

فيليب ستاين تقدم تشكيلة فريدة من أساور "هوريزون"

GMT 03:40 2017 الجمعة ,21 إبريل / نيسان

طرح عطر متميز بمكون مثير من توقيع Guerlain

GMT 07:25 2014 الإثنين ,17 شباط / فبراير

شركة "SRT" تعرض نسخة خاصة من موديل دودج تشارجر

GMT 00:08 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شجار بين العامري ولكحل والأخير يغيب عن التدريبات

GMT 01:12 2015 الإثنين ,26 تشرين الأول / أكتوبر

خبراء يقدمون دليلًا لقضاء العطلة في أنحاء أفريقيا

GMT 09:42 2015 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

فوائد أكل الزبيب على الريق
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib