دمشق التى رأيت

دمشق التى رأيت

المغرب اليوم -

دمشق التى رأيت

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

ما شهدته سوريا وتشهده ليس القصد منه مجرد إسقاط نظام حكم بشار الأسد، حتى ولو كان هذا هو القصد الذى ظهرت تجلياته أمامنا.. فما يظهر أمام أعيننا شىء، وما يجرى العمل عليه فى الخفاء شىء آخر، وتستطيع أن تستنج هذا مما تتابعه وتراه.

لو كان القصد مجرد إسقاط نظام حكم الأسد، فإن أنظمة الحكم تأتى بطبيعتها وتذهب، وما يعرفه الإنسان فى مراحل العُمر المتتالية تتالى الليل والنهار، تعرفه أيضًا أنظمة الحكم فى دورة الحياة التى يمر بها كل كائن حى فى مكانه.

ولكن القصد هو سوريا، لا نظام الحكم فيها.. فلقد ذهب نظام حكم الأسد الأب، ومن بعده ذهب نظام حكم الأسد الابن، ومن بعدهما سيذهب كل نظام حكم، لا لشىء، إلا لأن هذه هى سُنن الطبيعة.. أما سوريا البلد، والوطن، والأرض، فإنها إذا ذهبت فكيف يمكن أن تعود، أو متى يمكن أن تكون عودتها؟.. هذا هو السؤال الأهم الذى يجب أن ننشغل به، ونحن نرى ونتابع ونأسى على ما هو حاصل هناك.

وأنت إذا كنت فى دمشق ستجد فى جامعها الأموى ما لا تجده فى جامع سواه، وستجد فى سوق الحميدية المجاور للجامع ما لا تقع عليه فى سوق أخرى.. فللجامع الأموى رائحة تشمها من بعيد ثم تألفها وتحبها، ومن بعد ذلك سوف تظل تحن إليها. وفى داخل هذا الجامع سوف تصلى ركعتين وأنت تذكر يومًا قامت فيه الدولة الأموية فدامت مائة سنة كاملة، فلما ذهبت كان ذهابها على أيدى الدولة العباسية من بعدها دليلًا على أن «الأيام دُول» وإلا ما جاء العباسيون فى محل الأمويين الذين عمّروا قرنًا من الزمان.

ستقف أمام قبر سيدنا يحيى عليه السلام فى ركن فى أركان الجامع الأموى، وستذكر الآيات التى تروى جانبًا من سيرة هذا النبى فى سورة مريم، وستظل تطوف فى أرجاء الجامع وأمامك مشاهد متتابعة من الرحلة المئوية للدولة الأموية فى دمشق، بدءًا من مؤسسها معاوية بن أبى سفيان إلى آخر خلفائها مروان بن محمد.

وسوف تكون على موعد مع ضريح صلاح الدين الأيوبى وأنت خارج من الجامع، وكأن صاحب الضريح ينتظرك ليعيد تذكيرك بما كان فى أيامه حين أقام الدولة الأيوبية، وحين كانت سنواته سنوات عز وازدهار، وحين جاء عليه يوم أصبح فيه بطل «حطين» التى يكتبها التاريخ بحروف من نور.

ستقف لتقرأ الفاتحة على روح البطل صلاح الدين، وسترى فى ضريحه الرخامى وأشجاره التى تظلله مسيرة من المجد والقوة.. فهكذا رأيت أنا حين كنت فى دمشق الفيحاء ذات يوم.. وهكذا كانت دمشق قبل أن تهب عليها رياح ما يسمى بالربيع، وليس ما جرى ويجرى فيها إلا بقية من بقايا ذلك الربيع الذى لم يكن أبدًا اسمًا على مسمى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دمشق التى رأيت دمشق التى رأيت



GMT 23:56 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

ما كان لازم

GMT 23:55 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

هل يمكن تجديد العقل المُنتهي؟

GMT 23:54 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

المرأة والكرة... نتنياهو والدولة

GMT 23:53 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

مبادرة عربية أخرى!

GMT 23:51 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

الدولة الفلسطينية و«القنبلة النووية» الفرنسية

GMT 23:49 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

الحَوَل سياسي أيضًا

GMT 23:47 2025 الأربعاء ,30 تموز / يوليو

الوطنية والمعارضة وما بينهما

إليسا تتألق بفستان مرصع بالكريستالات وتخطف الأنظار بإطلالات فاخرة

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 13:33 2025 الخميس ,31 تموز / يوليو

8 مشروبات صباحية تُوازن سكر الدم بشكل طبيعي
المغرب اليوم - 8 مشروبات صباحية تُوازن سكر الدم بشكل طبيعي

GMT 16:47 2022 الجمعة ,14 كانون الثاني / يناير

حزب التجمع الوطني للأحرار" يعقد 15 مؤتمرا إقليميا بـ7 جهات

GMT 03:01 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

مانشستر سيتي يعلن عن ثالث صفقاته الصيفية رسميًا

GMT 02:51 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

نابولي على أعتاب ضم كيفن دي بروين في صفقة نارية

GMT 02:47 2025 الأربعاء ,11 حزيران / يونيو

مواعيد مباريات ريال مدريد في كأس العالم للأندية

GMT 10:45 2025 الثلاثاء ,10 حزيران / يونيو

تاه جاهز للعب مع بايرن في مونديال الأندية

GMT 10:39 2025 الثلاثاء ,10 حزيران / يونيو

برشلونة يقترب من غارسيا ويطالب شتيغن بالرحيل

GMT 09:40 2025 الثلاثاء ,01 تموز / يوليو

سان فرانسيسكو تشهد نهضة عقارية فاخرة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib