بقلم : عبد المنعم سعيد
كان الرئيس الفرنسى شارل ديجول معتادا كلما أراد معرفة أمر يخص دولة ما كان يطلب الخريطة التى تنقل له الجغرافيا. وفى العلوم السياسية فإن الدول فى عمومها ذات طبيعة «جيوسياسية»؛ فكما أن الإنسان لا يختار والديه، فإن الدول لا تختار جيرانها بشرا كانوا أو بحرا. والآن يكثر الحديث عن الأوضاع «الجيواستراتيجية» التى تحدد موقف الدولة من قضايا الحرب والسلام. وفى العموم فإن تعبير «الجغرافيا الاقتصادية» بات حديثا مهما لأنه يتعلق بالتعاون الإقليمى ومستقبل التنمية الاقتصادية فى بلد بعينه.
وهو فى هذه الحالة مصر التى ساد الظن بشأنها بأنها بلد صحراوى مملوء بالرمال والمساحات القاحلة؛ رغم أن ذلك يفضى إلى كم هائل من السيليكون. إدراك ذلك يكون عندما تسود «إدارة الثروة» وليس «إدارة الفقر» تجاه الحكم فى البلاد وهو ما بدأ قبل عقد من الزمن.
النظرة إلى مصر باتت أنها أولا بلد غنى؛ وثانيا أن قامتها الاستراتيجية عالية للغاية. ضع ذلك مع بعضه تدرك فورا أهمية الاكتشاف المفاجئ لمجموعة من ثروات التنمية التى تنتشر على رأس مصر المحروسة.
وعندما حدثت صفقة الاستثمار فى «رأس الحكمة» بات مشروعا التساؤل: لماذا لم نكتشف هذه الثروة من قبل؛ ووقتها بدأت الصفحات تكتب حول «رأس جميلة» الواقعة فى نطاق مدينة السلام «شرم الشيخ». وبينما «جميلة» لا تزال معلقة فإن صفقة مصرية - قطرية انعقدت عن «رأس علم الروم» اللصيقة بمرسى مطروح. الحقائق الجغرافية تقول إن مصر لديها من الشواطئ 3200 كيلو متر غير 14 من البحيرات القابلة للاستثمار.
المدهش هو أن الاكتشاف المصرى لهذه الحقيقة جاء متأخرا؛ ولكنه بعد أن جاء فإن العيون تفتحت على مناطق شاسعة على البحر الأحمر والبحر المتوسط وخلجان سيناء. الثروات الكبيرة مثل النفط والغاز والمعادن النادرة والكثيرة تحتاج إلى: أولا المستثمر الذى يعرف قيمتها؛ وثانيا العمل الذى يحولها من الحالة الخام البائسة إلى الحالة الغنية والسعيدة.