‎نتنياهو يبدأ تغيير الخريطة من سوريا

‎نتنياهو يبدأ تغيير الخريطة من سوريا

المغرب اليوم -

‎نتنياهو يبدأ تغيير الخريطة من سوريا

عماد الدين حسين
بقلم - عماد الدين حسين

ما الذى يمكن أن نفهمه من السلوك الإسرائيلى فى سوريا يوم الأربعاء الماضى وما بعده؟!

‎الإجابة الواضحة أن إسرائيل بعثت برسالة لكل من يهمه الأمر فى المنطقة أن رسم خريطة المنطقة الجديدة حسب المعايير الإسرائيلية قد بدأ فعليا، وليس مجرد أوهام أو جعجعات صهيونية.

‎قد يسأل البعض وما الذى حدث فى سوريا وتحديدا فى محافظة السويداء التى تقع جنوب البلاد وتجاور الجولان السورية المحتلة؟

‎يوم السبت الماضى حدثت مشكلة بين عائلتين من الدروز والبدو السوريين، وحدث تبادل خطف بين العائلتين، وانتهى الأمر يوم الإثنين باشتباكات موسعة واستخدام أسلحة مختلفة وتدخلت قوى الأمن السورى لفض الاشتباكات. الدروز يقولون إن قوات الأمن الرسمية والميليشيات المحسوبة عليها قد ارتكبت جرائم حرب ضدهم، وتعمَّدت إهانة شيوخ عقل الطائفة ونسائها.

‎وبعض المحسوبين على النظام يقولون إن الحادثة بأكملها ربما تكون مدبرة لإشعال معركة تقود إلى تدخل إسرائيلى.

‎هذا التدخل لم يتأخر، ورأينا رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه إسرائيل كاتس يأمران الجيش بالتدخل وقصف مقر وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان السورية فى دمشق، ثم قصف كل الآليات والدبابات والمعدات العسكرية السورية التى دخلت مدينة السويداء لفض الاشتباكات واستعادة الهدوء والسيطرة على الأوضاع.

‎أما الأخطر فهو أن إسرائيل أمهلت القوات السورية مهلة تنتهى منتصف ليل الخميس لسحب كل قواتها من السويداء، وهو ما تم فعلاً، ثم خرج نتنياهو ليقول إن النظام السورى ليس مسموحا له بأى تواجد عسكرى فى بلاده باستثناء العاصمة دمشق، أى نزع السلاح فى سوريا، وعمليا يعنى ذلك فصل السويداء وبدء تقسيم سوريا ولا نستبعد أن تكون الخطوة المقبلة هى تمرد الأكراد فى الشرق والشمال وإقامة كانتون جديد.

‎وزير الأمن الداخلى المتطرف إيتمار بن غفير دعا علنا لاغتيال الرئيس السورى أحمد الشرع قائلا: «إن من كان جهاديا سيصبح جهاديا ولن يتغير».

‎وكل المسئولين الإسرائيليين دخلوا فى عملية كذب مفضوح حينما تعهدوا بالدفاع عن «الإخوة الدروز وعدم السماح بالمساس بهم».

‎الموقف الدرزى كان منقسما، البعض هلل وفرح بالتدخل الإسرائيلى بل ورفع علم نجمة داود فوق بعض مبانى السويداء، والبعض الآخر تحفظ أو اعترض على التدخل الإسرائيلى، لكنه اعترض أيضا على السياسة السورية التى لم تمنع الاعتداء عليهم هذه المرة. أو قبلها فى صحنايا وجرمانا.

‎لا أستبعد شخصيا الدور الإسرائيلى فى إشعال هذه الفتنة، لكن بالمنطق أيضا يصعب تعليق كل شىء على شماعة إسرائيل، فالمشكلة فى سوريا متشعبة وترتبط بأن هذا البلد العربى الشقيق ضحية الصراع بين أنظمة حكم مستبدة ومتسلطة، وبين قوى وتنظيمات إرهابية تعتمد على دعم الخارج، وإسرائيل تنفذ من هذه الثغرات. لكن ليس هذا موضوعنا اليوم. بل نتحدث عن أن إسرائيل يبدو أنها بدأت تطبق على أرض الواقع، ما تحدث عنه نتنياهو يوم ٢٧ سبتمبر الماضى بعد ساعات من اغتيال زعيم حزب الله حسن نصر اللّٰه بقوله: «الآن بدأنا عملية إعادة رسم خريطة المنطقة».

‎وللأسف فإن ما يحدث على أرض الواقع يؤكد ذلك إلى حد كبير.

‎نتنياهو حوَّل قطاع غزة إلى مكان غير صالح للحياة لسنوات طويلة بعد أن قتل وأصاب نحو مائتى ألف، ويمارس عملية تهويد ضخمة جدا فى الضفة. هو وبعد أن وجه ضربة صعبة لحزب اللّٰه فى لبنان، فإنه لم ينسحب من عدد من النقاط الاستراتيجية فى الجنوب، والأخطر أنه كرَّس نظرية حق التدخل ومطاردة وقتل كوادر حزب اللّٰه من دون قدرة وحق الأخير على الرد. هو شن حرب خاطفة على إيران لمدة ١٢ يوما بمشاركة كاملة من أمريكا وكبَّدها خسائر فادحة ليس فقط بقصف منشآتها النووية، بل باغتيال كبار قادتها العسكريين وأهم علماء برنامجها النووى، وقصف عددٍ كبيرٍ من منظومات الدفاع الجوى ‎ومخازن الصواريخ.

‎هو تمكن من تحييد «الحشد الشعبى» فى العراق، ويوجه ضربات مختلفة لقواعد الحوثيين فى اليمن، والنتيجة أن كل قوى المقاومة أو الممانعة أو «الأذرع الإيرانية» قد تعرضت لضربات شديدة منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ وحتى الآن.

‎ما حدث فى سوريا يوم الأربعاء يعنى ببساطة أن نتنياهو يقول للجميع أنا ملك الشرق الأوسط وأنا من يقرر جدول أعمال هذه المنطقة، وكل تحرك عسكرى أو اقتصادى أو سياسى، لابد أن أوافق عليه وأشارك فيه، وعلى الجميع التطبيع معى، ليس بشعار الأرض مقابل السلام، بل لمجرد أن أقبل  عدم مهاجمتهم!

‎هذا ما يريده نتنياهو بدعم أمريكى مفتوح، فما هو رأى العرب، أو القوى الفاعلة منهم، وهل صحيح «أن القدر الإسرائيلى آتٍ وحتمى»، أم أن الحد الأدنى من التنسيق العربى العربى يمكن أن يوقف البلطجة الإسرائيلية أو على الأقل يحد منها؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

‎نتنياهو يبدأ تغيير الخريطة من سوريا ‎نتنياهو يبدأ تغيير الخريطة من سوريا



GMT 20:19 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

‎قمة الدوحة.. نريدها إجراءات وليست بيانات

GMT 20:16 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

سدودنا فارغة وسرقة المياه مستمرة

GMT 20:12 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

تاريخ «لايت»

GMT 20:10 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ما بعدَ هجوم الدوحة

GMT 20:08 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

بول بوت... جنون الإبادة الذي لا يغيب

GMT 20:07 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

ربع قرن على هجمات 11 سبتمبر

GMT 20:05 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

انزلاقات المرحلة

GMT 20:03 2025 السبت ,13 أيلول / سبتمبر

أميركا... معارك الرصاص لا الكلمات

هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت -المغرب اليوم

GMT 01:02 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر
المغرب اليوم - زامير يقدّر أن السيطرة على غزة ستستغرق ستة أشهر

GMT 18:39 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه
المغرب اليوم - تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 22:50 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز حقائب اليد النسائية لخريف 2024

GMT 03:34 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

تعرف على أكبر وأهم المتاحف الإسلامية في العالم

GMT 12:20 2024 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

رحمة رياض بإطلالات مريحة وعملية عقب الإعلان عن حملها

GMT 15:53 2023 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

الين يرتفع بدّعم تكهنات تعديل سياسة بنك اليابان

GMT 07:31 2021 السبت ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي الإماراتي يخطط لانتداب أشرف بنشرقي

GMT 18:39 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:37 2020 الخميس ,09 إبريل / نيسان

كورونا" يسبب أكبر أزمة اقتصادية منذ سنة 1929

GMT 23:46 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

بنك مغربي يصرف شيكا باللغة الأمازيغية

GMT 23:52 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

الفيضانات تقتل 141 حيوانًا بريًا في الهند

GMT 11:06 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الكشف عن "ميني كاب"أصغر سيارة إطفاء في العالم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib