الحوار المطلوب

الحوار المطلوب

المغرب اليوم -

الحوار المطلوب

محمد الأشهب

في أبعاده الأمنية والسياسية، لم يكن قرار السلطات الجزائرية ترحيل مواطنين مغاربة، قالت إنهم تدفقوا على أراضيها بكثافة للعبور نحو ليبيا، ليثير أي حساسية، لو أن علاقات البلدين الجارين كانت خالية من الخلافات، وأن السفر إلى ليبيا لا يرادف حالة الفوضى والاضطرابات وإمكان الالتحاق بتنظيمات إرهابية اتخذت من مناطق ليبية ملاذات لها.
  أي موقف أو تصرف يصدر من الجزائر أو المغرب إزاء أي ملف مشترك، بات يثير المزيد من التساؤل والحذر، جراء انعدام الثقة وتعالي أسوار الشك والارتياب، طالما أن علاقات البلدين انحدرت إلى ما هو أقل من عادية. بل إنها مرشحة في أي لحظة لأن تنحو في اتجاه التوتر والتصعيد. وسواء أكان الموقف الجزائري يندرج في سياق إجراءات احترازية ذات ارتباط بالحرب على الإرهاب، أو بمحاولة إضفاء هالة أكبر على ظاهرة الهجرة من بلد مغاربي إلى آخر، فالأصل في القرارات خلال فترات الأزمات أنها تحتاج للتوصل إلى تفاهمات، كي لا يفهم منها إلا الجزء الظاهر فقط من ركام الأزمة، بخاصة وأن قنوات الحوار بين البلدين الجارين لا تنفتح إلا عند حدوث أزمات.
  لا يتوقف العمل الديبلوماسي عند استشعار الهفوات واللجوء إلى سياسة إطفاء الحرائق بعد اشتعالها، ولكنه ينصب أساساً على إعداد التربة الخصبة التي تذوب فيها الخلافات الثانوية، بخاصة عندما يتعلق الأمر ببلدين عضوين في الاتحاد المغاربي وشريكين في الحوار اليورو- متوسطي، ينتسبان معاً إلى الجامعة العربية ومنظمات إقليمية ذات أهداف مشتركة.
  بيد أن في الحالة المغربية– الجزائرية هناك استثناءات عدة، ليس أقلها سريان مفعول إغلاق الحدود البرية منذ أكثر من عقدين، واستمرار تجاذبات ملف الصحراء لأكثر من أربعين سنة. وظهور خلافات أخرى، من مستوى التعاطي والأوضاع في منطقة الساحل وغياب التنسيق في الحرب على الإرهاب ومسائل أخرى. ما يرخي بظلاله على أي قرار أو مبادرة، وإن كانت تسير في الاتجاه الصحيح، فقد طفت قضية المهاجرين واللاجئين من غير المغاربة والجزائريين على سطح علاقات الأزمة، وبالتالي يصعب توصيف الموقف الراهن خارج التساؤلات الحذرة والمشروعة.
  يتعين الإقرار بأن المغاربة والجزائريين كذلك يعترفون بأن موجة تسفير المتطوعين المحتملين للانضمام إلى تنظيم «داعش» أخذت وجهة جديدة، أقربها الساحة الليبية، في ظل انحسار عمليات ترحيل المقاتلين إلى بؤر التوتر في سورية والعراق، فكلما تم تضييق الخناق على جلب المتطوعين إلى منطقة اختاروا ملاذات أخرى، من قبيل ليبيا ومنطقة الساحل الأفريقي والصومال وغيرها. وربما كان الأجدى انبعاث فكرة التنسيق الأمني والسياسي من رمادها، بدل الاقتصار على مبادرات فردية.
  هذا في حال كان الهدف من التزام مثل هذه الإجراءات لا يحيد عن الأهداف المتوخاة من تضافر جهود الحرب على الإرهاب، أما إن كانت بخلفيات أخرى، فالأكيد أن المنطقة لا تحتمل المزيد من التوتر. إلا أن اللافت في هذا السياق أنه يعزز القرار الذي اتخذته السلطات الألمانية، لناحية ترحيل مهاجرين جزائريين ومغاربة تقول إنهم اندسوا في أوساط اللاجئين السوريين خلال تدفق الموجة المرتفعة من النزوح إلى الديار الأوروبية.
  وإذا كانت الجزائر أو المغرب مثلاً يريان في تدفق المهاجرين غير الشرعيين المعرضين لإمكانات الاستقطاب من طرف التنظيمات المتطرفة، نوعاً من المخاطر، فسيكون حرياً بالسلطات الألمانية وغيرها أن تتخذ ما تراه من الإجراءات لحماية أمنها، وإن كان التركيز في هذه الحالة جرى بدوافع أخلاقية.
المهم أن حواراً بدأ بين الجزائر والرباط. لا تهم طبيعته ومجالاته، وسيكون أفضل لو أعيدت عقاربه للرسو على القضايا الخلافية التي عكرت صفو العلاقات لفترة طال أمدها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحوار المطلوب الحوار المطلوب



GMT 11:10 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حديث الصيف: أيام العرب في الجاهلية

GMT 11:09 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

إسرائيل والغضب العالمي

GMT 11:08 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

إسرائيل وسؤال هُوية اليهود!

GMT 16:03 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

مائة عام على كتاب هتلر: «كفاحي»

GMT 16:02 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

سمومُ موازينِ القوى

GMT 15:57 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

بين الرياض والقاهرة... عَمار

GMT 15:55 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

هل قُتل شيمون بيريز في غزة؟

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 11:26 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

محطات وشخصيات صنعت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"

GMT 18:53 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:13 2017 الأحد ,31 كانون الأول / ديسمبر

فيليب ستاين تقدم تشكيلة فريدة من أساور "هوريزون"

GMT 03:40 2017 الجمعة ,21 إبريل / نيسان

طرح عطر متميز بمكون مثير من توقيع Guerlain

GMT 07:25 2014 الإثنين ,17 شباط / فبراير

شركة "SRT" تعرض نسخة خاصة من موديل دودج تشارجر

GMT 00:08 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شجار بين العامري ولكحل والأخير يغيب عن التدريبات
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib