المجتمعات المعنفة
إحتراق ٥ جنود عسكريين داخل ناقلة جند إسرائيلية في قطاع غزّة زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب بحر أندامان دون أنباء عن أضرار في الهند بريطانيا تعلن إعداد خطة لإسقاط مساعدات إنسانية جواً إلى قطاع غزة المديرية العامة للدفاع المدني بغزة يحذر من توقف كامل لمركباتها مع اقتراب نفاذ الوقود الجيش اللبناني يعلن سقوط مسيّرة إسرائيلية مزوّدة بقنبلة يدوية في أطراف بلدة ميس الجبل جنوب البلاد إسرائيل تهدد بالسيطرة على سفينة حنظلة إذا واصلت طريقها نحو غزة وفاة زياد الرحباني عن عمر 69 عاماً ولبنان يودع رمزاً فنياً ترك بصمة خالدة في الموسيقى والمسرح السياسي حرائق غابات واسعة تضرب شمال الخليل في إسرائيل وتؤدي إلى إغلاق طرق رئيسية واستدعاء 14 فريق إطفاء و6 طائرات لمواجهتها فيضانات عنيفة تجتاح جامبيلا غرب إثيوبيا وتتسبب في أضرار واسعة لأكثر من 50 منزلاً وإجلاء السكان وسط ضعف البنية التحتية جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن عن إحباط محاولتين لشن هجومين في المنطقة الجنوبية من الضفة الغربية المحتلة
أخر الأخبار

المجتمعات المعنفة!

المغرب اليوم -

المجتمعات المعنفة

محمد الرميحي
بقلم - محمد الرميحي

 

ظاهرة اجتماعية سياسية في معظم فضائنا العربي، تتمثل في الانقلاب السريع من التأييد الكامل وولاء التزلف للأشخاص أو الأنظمة، إلى النقد اللاذع المحمل بكراهية مريرة، بمجرد أن يسقط النظام.

سعد بيومي في روايته «يوميات سعد عباس: 1952-1958»، أي الست سنوات بعد قيام الثورة المصرية، يسرد للقارئ كيف تحولت صحف وأشخاص وأحزاب، من اعتبار الملك فاروق وكأنه من سلالة القديسين، إلى رجل فاسد ومغامر وشرير، نفس الصحف ونفس الأشخاص، كما نذكر بيتاً لشاعر عراقي يخاطب فيه صدام حسين حيث يقول له: «لولاك ما ظهر القمر»!! غير مجموعة الألقاب والكرامات التي وصفت صدام بأوصاف كادت أن توصله إلى سلالة القديسين، ثم انقلب الجميع بعد ذلك، فبانت حفلات القتل والشر والجهل في شخصيته وأقربائه بعد سقوطه.

ويكاد المرء أن يجد نفس الظاهرة فيما بعد بشار الأسد، لقد انقلب مباشرة رجال قريبون جداً منه ونظامه وكانوا يدافعون عن نظامه بأحط الكلمات ضد الآخرين معارضين أو دولاً عربية، وما إن سقط حتى رفعت راية التجريح والسخط، على نظام كانوا فيه من عظام الرقبة.

كيف نفسر هذه الظاهرة؛ الولاء الأعمى والدفاع عن الشر، ثم الانقلاب عليه بعد ذلك انقلاباً وكأنه يرى تلك المساوئ لأول مرة؟

إنها ظاهرة «المجتمعات المعنفة» التي تقوم فيها السلطة بإخضاع الجميع إلى نمط من التفكير الشمولي، ينتشر في المجتمع، ومن يزايد يقترب من السلطة أكثر، التي ديدنها التعنيف، ولقد شهدنا وزراء وسفراء وفنانين يكيلون المديح لكل شاردة وواردة من تلك الأنظمة الاستبدادية، ثم ينقلبون عليها.

في الثمانينات من القرن الماضي، كان هناك اجتماع لوزراء الخارجية العرب في الكويت، وكان الخلاف على أشده حول بعض الملفات؛ حيث حمل الثوريون العرب، إن صح التعبير، كل جهلهم إلى المنصات العامة والمنابر السياسية، وحاول العقلاء تبصيرهم بالمخاطر، فإذا بالمرحوم وزير الخارجية السوري وقتها عبد الحليم خدام يستشيط غضباً في النقاش، فيوجه كلاماً خارجاً عن السياق؛ ليجد رداً مناسباً من سعود الفيصل رحمه الله. تلك هي الثرثرة الآيديولوجية التي يتبناها العاملون في الأنظمة الاستبدادية؛ حيث تخرج عن التفكير العقلاني.

ويمكن تسمية مثل هؤلاء بحملة المباخر، فقد أصبح خدام في وقت لاحق أكثر شراسة ضد النظام الذي خدمه.

في رواية «يوميات سعد عباس»، يقول قريبه الذي يعمل في البوليس السياسي، محذراً إياه من العمل بالسياسة، ورداً على سؤال كيف تخدم النظام الجديد وأنت كنت جزءاً من النظام القديم، قال لقد غيروا الرئاسات لا السياسات!

الخوف يظهر أبشع ما في الإنسان، معظم السجانين الصغار في سجن صيدنايا الرهيب في الغالب قاموا بعملهم خوفاً من العقاب، وكان تصورهم أنهم كلما قسوا على السجناء وأذلوهم، رضي عنهم الذين أوكلوا لهم تلك المهمة، وما ظهر من فظائع في سجون ومعتقلات الأسد الأخرى تنفر منه البشرية، ويسأل الإنسان نفسه، أي بشر يبرر لنفسه ما تم فعله من فظائع.

من بقي على قيد الحياة من الذين عملوا مع صدام حسين يرون أيضاً الهوائل من الأحداث، ومتوفر اليوم على الشبكة الدولية أو في المقابلات التي سجلت للبعض منهم ما يكفي أن يعرف الناس كم من احتقار للإنسان، قامت به تلك الأنظمة، وما زال بعضها في المنطقة تحت شعارات «تصدير الثورة» تقوم بنفس الممارسات، ويكذب متحدثوها «كذب الإبل» على مستمعيهم ومشاهديهم في التسويق لتلك الأنظمة، وهم أول من يعرف أن ما يقولونه دافعه الخوف، فهم يعيشون في مجتمع معنف لا صوت يعلو إلا المزايد.

المجتمعات المعنفة لا تستطيع أن تبني تنمية، ولا تستطيع أن تحارب وتنتصر، ولا تستطيع أن تُشيد أوطاناً، هي تأكل نفسها بنفسها، وأمامنا اليوم تجارب سودان البشير، وسوريا الأسد، وعراق صدام، وليبيا القذافي وما قبلهم ومن سوف يأتي بعدهم بنفس صراخ الشعارات وسيوف القمع.

لقد فشل «حزب الله» في الدفاع عن بعض بيئته في الجنوب اللبناني، كما فشل النظام السوري في البقاء، رغم استنجاده بقوى كبيرة، وانقسمت ليبيا على نفسها، وما زالت تجربة التعافي في العراق معوقة، تحمل الكثير من إرث الماضي، لقد تركت كل تلك الأنظمة مجتمعاً معنفاً، يحمل جرثومة عدم التعايش مع غيره، وحتى مع نفسه.

الخروج من ذلك المأزق صعب ومكلف، ويحتاج إلى رجال تُحسن قراءة الأحداث، وتقدم ترياقاً يرمم ما قد قام به العسكر أو شبه العسكر من تمزيق لنفسية الإنسان.

آخر الكلام: رغم كل ذلك العنت فإن رجلاً ونساء قد قاوموا الاستبداد، بعضهم بأرواحهم وآخرون بمستقبلهم، كما فعل، كمثال، قيصر، الذي هرّب الصور المرعبة لبشاعة النظام السوري.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجتمعات المعنفة المجتمعات المعنفة



GMT 16:14 2025 السبت ,26 تموز / يوليو

الثنائي الخالد

GMT 16:13 2025 السبت ,26 تموز / يوليو

مَا يخيفُ نتنياهو في غزة؟

GMT 16:11 2025 السبت ,26 تموز / يوليو

من زمن السيوف إلى زمن الحروف

GMT 16:09 2025 السبت ,26 تموز / يوليو

هولك هوغان... وتلك الأيّام

GMT 16:07 2025 السبت ,26 تموز / يوليو

شفاه باسمة وقلوب مكلومة

GMT 16:05 2025 السبت ,26 تموز / يوليو

سخونة أوروبية!!

GMT 16:03 2025 السبت ,26 تموز / يوليو

رجل أضاء العالم!

GMT 13:32 2025 الجمعة ,25 تموز / يوليو

فنون الإبادة

نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 23:15 2025 الأحد ,27 تموز / يوليو

روبيو يحدد "الحل البسيط" لإنهاء الحرب في غزة
المغرب اليوم - روبيو يحدد

GMT 18:23 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 07:41 2022 الأحد ,20 شباط / فبراير

أبرز صيحات حفلات الزفاف في عام 2022

GMT 15:23 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

راديو "إينرجي" لا ننافس أحدًا ونستهدف جمهور الشباب

GMT 11:43 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

مغسلة توحي بالملوكية والرقي

GMT 18:27 2024 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

هجوم إلكتروني يعطّل مواقع البرلمان الإيراني

GMT 20:20 2020 السبت ,04 إبريل / نيسان

حقائب ونظارات من وحي دانة الطويرش

GMT 07:52 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

"جاك ما" أغنى رجل في الصين تم رفضه في 30 وظيفة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib