ترمب وخامنئي والعودة إلى مسقط

ترمب وخامنئي والعودة إلى مسقط

المغرب اليوم -

ترمب وخامنئي والعودة إلى مسقط

عبد الرحمن الراشد
بقلم - عبد الرحمن الراشد

 

قبل 12 عاماً بدأ فريق الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما وإيران مفاوضات سرية لعامين، وأنجزوا ما عرف بـ«الاتفاق النووي الشامل»، وتم تطبيقه لثلاث سنوات. جاء الرئيس دونالد ترمب في ولايته الأولى وقام بتمزيقه بشجاعة غير مسبوقة، رغم تصديقه في الأمم المتحدة. ثم خلفه الرئيس جو بايدن، الذي قرر عدم استئنافه وأصبح تاريخاً. الاتفاق الذي حمل عنوان السلام أفضت نتائجه إلى أزمات ونزاعات أكثر مما كان الوضع عليه قبل توقيعه.
 

اليوم، يعود الأميركيون والإيرانيون للتفاوض في ظروف حاسمة، فكيف ستختلف مفاوضات مسقط الجديدة عن مفاوضات 2013؟

صرح الرئيس ترمب بأن خياره الأول الحل عبر التفاوض، وإن فشل فخياره الثاني الحرب. وفي تقديري، الطرفان يرغبان في التوصل لحل سياسي، رغم لغة البارود.

لكن عن أي حل هما يتحدثان؟ «الحل التفاوضي» مفهوم واسع. فقد تمكَّن أوباما فعلياً من تحقيق اتفاق ألزم إيران بالتخلِّي عمَّا خصبته من يورانيوم، وتم إرساله إلى روسيا. لكن النووي لم يكن سوى ورقة مساومة تفاوضية بيد إيران نجحت في استخدامها للمحافظة على أنشطتها العسكرية الإقليمية والدولية. أوباما تعمَّد إبعاد الأطراف المعنية عن المفاوضات، تحديداً الدول الخليجية وإسرائيل، وفوق هذا، تجاهل مخاوف دول المنطقة. إيران عدَّت الاتفاق في الواقع رخصة لها بالتوسع والهيمنة على العراق وسوريا ولبنان واليمن وغزة وتهديد البقية. وأنفقت طهران أكثر من مائة مليار دولار مجمدة سمحت بها واشنطن لإيران، ذهبت لتمويل نشاطاتها العسكرية التي زعزعت معظم المنطقة.

في مفاوضات العاصمة العمانية، وجوه جديدة، لكن القضايا الجوهرية هي نفسها التي طرحت في مارس (آذار) 2013، وقف إيران مشروعها النووي ذا الطابع العسكري، وإنهاء دعمها وتمويلها الميليشيات في المنطقة، والامتناع عن التدخل في شؤون الدول الأخرى. أوباما اكتفى بالاتفاق على موضوع واحد، هو النووي.

هل يمكننا المراهنة على ترمب؟

حتى الآن طرحه أكثر وضوحاً وحزماً مقارنة بأوباما الذي تراخى أمام المرشد الأعلى الإيراني، وتراجع عن تهديده الشهير لنظام الأسد الذي استخدم السلاح الكيماوي في حرب سوريا.

ترمب هيَّأ المسرح السياسي استباقاً لمفاوضات مسقط. أرسل المزيد من قواته إلى المنطقة، وباشر عملية تدمير قدرات الحوثي في اليمن، وكلَّف مبعوثه ستيف ويتكوف بمهمة التواصل مع طهران، وبعث برسالة مباشرة للمرشد الأعلى، وفرض عقوبات جديدة على تصدير إيران بترولها، واستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، وتحدث عن الخيار العسكري.

سلسلة خطوات تُمهد لتعزيز موقفه في المفاوضات.

الإيرانيون ليسوا في وضع جيد، لكنهم ردُّوا بخطوات. فقد أخذ المرشد موقفاً متشدداً، وترك للحكومة الموافقة. وأعلنت طهران موقفها ردّاً على ترمب في مقال نشر لوزير الخارجية في صحيفة «الواشنطن بوست». وميدانياً لم يعد يبدو «حزب الله» متعاوناً في تنفيذ اتفاقه مع إسرائيل، كما رفض الحوثي دعوة واشنطن لوقف الهجمات على الملاحة البحرية، رغم قصفه منذ نحو شهر، ربما تعزيزاً لموقف طهران التفاوضي.

أهم ما ورد في رسالة ترمب لخامنئي التي تم تسريبها، أنه أكَّد رغبته في التفاوض، لكنه اشترط شهرين فقط للتوصل لاتفاق، ومن المرجح أن يمددها إن كانت البداية التفاوضية مشجعة. ثم عاد متوعداً إيران باستهداف منشآتها النووية ما لم يتم اتفاق، «إسرائيل هي مَن ستقوم بالمهمة»، أعلنها وهو يجلس مع نتنياهو.

هذا المشهد مختلف تماماً عن مناخ مفاوضات أوباما، وصورة أوباما التصالحية. ترمب سبقته سمعته المريعة بأنه لا يهاب مواجهة نصف العالم. ويجيء فريقه للتفاوض، وإيران في أسوأ وضع بعد أن دمرت إسرائيل أذرعتها الخارجية؛ «حزب الله» و«حماس» وسقوط نظام الأسد.

ستكون حظوظ ترمب كبيرة في الحصول على اتفاق «جيد» غير مسبوق مع إيران إن واصل إصراره على مطالبه، وتمكَّن فريقه من تطويق تكتيكات فريق طهران الماكرة. فميزان القوة مال لصالح إسرائيل بعد تدميرها قوى إيران الخارجية، الأمر الذي يُجردها في مفاوضات مسقط من ورقة «الوكلاء» التي كانت تُهدد بها العالم وتستخدمها في التفاوض. يضاف إليها، أن ترمب باشر تنفيذ وعده بحرمان طهران من بيع معظم نفوطها، وستكون في وضع مالي صعب ما لم تتوصل إلى اتفاق مع ترمب.

وبالتالي نرى أن خيارات إيران باتت محدودة، ما يجعلنا أمام احتمال حقيقي بالتوصل إلى سلام أخيراً في المنطقة، يبدأ من مسقط ويستكمل لاحقاً في اتفاقيات السلام الإقليمية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترمب وخامنئي والعودة إلى مسقط ترمب وخامنئي والعودة إلى مسقط



GMT 22:32 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

دوشة الطرابيش

GMT 22:19 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

تريليونات ترمب وفلسطين

GMT 22:18 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

شبكة الأردن... واصطياد السمك الإخواني

GMT 22:17 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

دولة فلسطينية مستقلة حجر الزاوية للسلام

GMT 22:15 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

تعريفات ترمب هزّت العالم وأضرّت أميركا!

GMT 22:14 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

قصة سوسن... ومآسي حرب السودان

GMT 22:13 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

المانيفستو السياسي للإدارة الأميركية

GMT 22:12 2025 الجمعة ,18 إبريل / نيسان

لبنان امتحان لسوريا… وسوريا امتحان للبنان

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ المغرب اليوم

GMT 17:30 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

آسر ياسين يحل ضيفًا على عمرو الليثي في "واحد من الناس"

GMT 06:45 2022 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

سيرين عبد النور تتألق في فساتين مميزة وجذّابة

GMT 17:30 2022 الأربعاء ,14 أيلول / سبتمبر

تصاميم حديثة لأبواب المنزل الخشب الداخليّة

GMT 22:41 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

السعودية تعلن عن عدد الُحجاج موسم هذا العام

GMT 01:51 2021 الثلاثاء ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

تطوير روبوت يمكنه أن يفتح الأبواب بنفسه

GMT 23:24 2021 السبت ,16 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل استدعاء نورة فتحي للتحقيق في قضية غسيل الأموال

GMT 16:18 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

خبر صادم لأصحاب السيارات المستعملة في المغرب

GMT 21:29 2020 السبت ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أسباب الإقدام على تغيير زيت الفرامل باستمرار في السيارة

GMT 04:06 2020 السبت ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور منصف السلاوي يكشف عن موعد استخدام لقاح "فايزر"

GMT 18:11 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

التفاصيل الكاملة لإلغاء حفل سعد لمجرد في مصر

GMT 08:33 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 30 تشرين الثاني / أكتوبر 2020
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib